الجمعة، 5 أكتوبر 2018

اني رزقت حبها






رأيتها لأول مرة في صباح ذلك اليوم من إجازة الصيف منذ نحو أربعة عشر عامًا؛ كنا نتحضر لأولى حصص درس اللغة الفرنسية الذي سيقدمه لنا أحد اصدقاءنا الذين يكيروننا سنا في تلك المكتبة العامة
يومها أتت مع فتيات كثيرات لم أر منهم سواها ولا أذكر منهم غيرها وحتى يومنا هذاولا أعرف من كانوا.. فقط وقع بصري عليها.. فقط رأيتها دون سواها.. فقط ولا غيرها شغل نظري وعقلي و.. وقلبي
وكان ذلك أول يوم

في غير كثيرٍ من الوقت تعارفنا.. تقاربنا..أصبحت صديقتي المقربة.. صديقتي المفضلة.. أقرب الناس إلىَّ في واقع الأمر.. ولولا تعلقٍ سابق لمعرفتها بأخرى لكانت أميرة قلبي المراهق آنذاك.. إلا أنها حتما كانت أقرب ما تكون إلى ذلك منذ اللحظة الأولى
مرت الأيام والشهور.. والسنوات.. تفارقنا وتباعدت بيننا المسافات.. كل في حياته ودراسته.. إلا أنه كان هناك دوما ذلك الرابط الذي لا يفل.. لا ينقضي بانقضاء الوقت.. لا يموت مع الأيام.. ذلك الرابط الذي كان يشعرنا دوما أن هناك ثمة لقاء ولو طال الغياب.. ذلك الرابط الذي يحفظ لكل منا في قلب الآخر مكانه المميز الذي لا يصل إليه أحد ولا يمر به أحد وان سبقه أو تخطاه أيا كان
أتت فترة الجامعة.. كل منا في محافظة.. تفصلنا عشرات.. بل مئات الكيلومترات.. تباعد بيننا المسافات والدراسة والأشخاص واختلاف الحيوات.. إلا أنها كانت دوما حاضرة في ذلك الجزء الخاص بها من قلبي وعقلي.. لم يستطع البعذ أن يطويها.. ولم تستطع علاقة الحب الصادقة على مدار سنوات خمس أن تمحو أثرها.. فقد كانت دوَا صديقتس المفضلة حتى وإن لم يجمعنا غير رسالة نصية في يوم ميلادها أو ميلادي.. أو يجمعنا لقاء عابر كل عام او عامين

في ميلادي الثاني والعشرون.. كنت أقوم بالعمرة.. في ذلك اليوم كنا بمكة المكرمة.. وأذكر اني حرصت قبل السفر على الاحتفاظ برقم هاتفها على المحمول المرافق لي في السفر.. فقط هي وحدها من خارج دائرة الأقارب..
 حتى إذا أتى يوم ميلادي أرسلت لها رسالة نصية أخبرها أني لا استطيع أن يمر على هذا اليوم دون أن تشاركني فيه صديقتي المقربة.. كان يوما جميلا حقا

انتهت الدراسة وكنت قد خرجت قبل عام أو يزيد من علاقة حب لم يكتب لها أن تكلل بالزواج.. وكنت أعاني كثيرا مر الفقد آنذاك.. ففكرت في الإرتباط بالفتاة الوحيدة التي كانت دوما حاضرة في جزء مني.. في روحي و وجداني.. نعم كانت دوما صديقتي المقربة.. إلا أنه قد آن الوقت أن تصبح أقرب من ذاك
هي كانت دائما حاضرة في كل مشهد ولو غابت عنه.. كانت ترافقني في كل مراحل حياتي وإن لم نتواصل.. كانت كموسيقى الخلفية في الفيلم.. لا تكاد تشعر بها.. إلا أنها ترافق سمعك طول فترة المشاهدة.. تكمل الصورة وتجملها وأحيانا ما تعلو فتظهر فتضيف للصورة والمعنى.. كانت ربما لا تراها إلا أنها دوما هناك.. دوما تكمل الصورة

مرت الأيام وأصبحت زوجتي بفضل من الله ومنة منه.. وبدأ معها عهدا جديدا لم أكن أعلم عنه شيئا.. عهد المحبة فوق الحب.. عهد المودة.. عهد الرحمة.. عهد السكن.. عهد السكينة.. عهد الراحة.. عهد الأمان
معها عرفت أن للجمال شكل آخر.. للفرح طعم آخر.. للسكينة شعور آخر..
معها وبها عرفت حقًا كيف أن الزوجة الصالحة خير متاع الدنيا..
هي دومًا جميلة كفراشة تتتقل بين الأزهار في الربيع تنثر من ألوان أجنحتها على ذبك المشهد فتزيده حُسنٌ
هي دومًا رقيقة كطفلة في أول حياتها تكاد تخطو وتنطق بضع حروف
هي دوما قرة لعيني يزيدني النظر إليها فرحا ويسر قلبي حين تهل عليا من زوايا البيت
هي دومًا قريبة تحتضن تعبي وهمي وتزيح عني حزني و ألمي
هي دومًا سندٌ لي و جبرٌ لكسري و سترٌ لضعفي وخيرٌ يفيض على كل جوانب حياتي
هي أمينة علىَّ وعلى قلبي و روحي و عرضي وبيتي وكل حياتي وضعتها بين يديها آمنا مطمئنًا لا يشغل بالي منهم قلقًا
هي جميلة في كل أحوالها.. حتى حين يغليها القلق والتوتر
هي جميلة في كل أحوالها.. حتى حين ترتبك و تتخبط في تلك الأشياء البسيطة وتطلب مساعدتي
هي رائعة في كل أوقاتها جميلة في كل لحظاتها.. حيبة وقريبة في كل مشاهد حياتي

الله كم أحبها.. وكم أنا سعيد بحبي لها.. وكم أنا حريص على أن ترى وتشعر ويغمرها ذلك الحب في كل أوقات حياتها
ولم لا وهي حبيبتي و زوجتي و فتاتي المدللة و ملكتي وكل شيء في حياتي

هي دوما ما تسألني لم أحبها؟ وأنا دوما أجيب بأني لا أعرف لحبي سببًا.. ومتى كان للحب سبب؟
قد انشغل قلبي بها مذ أن وقعت عليها عيني فملأت بصري وعقلي وكل جوانب روحي ونفسي.. لا أعلم لذلك سببا.. ولا أرى له سببا غير أنه انجذاب الروح للروح.. وسكن النفس للنفس.. وقرب القلب من القلب
ذلك الحب الذي هو رزق من الله يضعه في قلب من يشاء من عباده تجاه من يشاء
ذلك الحب الذي لا يرتبط بسبب شرطي أو زمن يمر أو ظرف مؤقت.. هو حب لا أول له ولا نهاية.. ربما كان من قبل الأوان ولكنه حتما سوف يعيش إلى بعد انقضاء الزمان.

ليست هناك تعليقات:

Facebook Blogger Plugin: Bloggerized by AllBlogTools.com Enhanced by MyBloggerTricks.com

إرسال تعليق

visitors