فى البداية أحب أنوه عن ان اسم التدوينة دى كان وصف صديقى العزيز كونان فى مكالمتنا الهاتفية الأخيرة أثناء النقاش فى نفس ذات الأمر اللى بتدور حوله التدوينة..
------------------------------------
من بعد الثورة والقوى المسماة بالإسلامية بدأت فى غزو الحياة السياسية بشكل مكثف(انا كنت هكتب احتلال بس خفت تكوت حرام فقلت غزو تبقى أولى والله أعلم) وبدأوا زيهم زى غيرهم ينشأوا أحزاب ويكونوا تكتلات.. بل الأمر تعدى ذلك لقنواتهم الدينية اللى اتحول نشاطها فجأة من الدين الخالص البرىء من السياسة(اللى كانت من المحرمات من أشهر قليلة) الى الدين السياسى الذى لا بد من الحديث عنه والخوض فيه بعد زوال سبب تحريمه.. أمن الدولة يعنى.
من الملاحظ على كلام الإخوة الدينيين لما بيتكلموا عن مشروعهم السياسى انهم بيشددوا فى جزئين:
- الأول هو الحدود ووجوب اقامتها(وفى هذا الجزء يختص دعاة السلفية والجهاديين والتكفيريين أكثر من جماعة الإخوان).. وهو بدون شك أمر مفروغ منه لأن الحدود هى جزء لا يتجزأ من شريعة الله وأنا كمسلم ايمانى يحتم على أن أكون فى صفوف المطالبين بها """ولكن"""" لا بد أن تطبق فى الإطار الذى أنزله الله تعالى فى كتابه وفصله الرسول صلى الله عليه وسلم فى عمله بهذا الكتاب.. فلو نظرنا الى أن حد قطع يد السارق مثلا لم يطبق فى تاريخ الدولة الإسلامية(1400+ سنة) سوى خمس مرات فقط ربما نفهم ان الأمر أعقد من مجرد مقصلة تهوى على الرسغ فتقضى على ظاهرة السرقة وأن تطبيق الأمر يحتاج هيئة علماء تتدارس فى الأمر حتى لا تتحول الحدود من شريعة يصلح الله تعالى بها الكون الى آداة تسلط يفسد بها الحاكم فى الأرض.
وعليه لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تكون الحدود هى محور وبداية ونقطة انطلاق المتحدثين باسم الجماعات الدينية فى جل أحاديثهم.. فالإسلام لا يمكن أن يختزل فى يد مقطوعة أو ثمانين جلدة..
ويقول بعض المتحدثين باسم الجماعات الدينية أن الإعلام هو من تسبب فى هذه المشكلة حيث انه يتعمد ابراز النقاشات عن الحدود لتخويف الناس من دعاة اللإسلام كما أصفهم أو الإسلاميين كما يصفون أنفسهم.. وهنا قد أتفق معهم فى تعمد ابراز الإعلام الموجه لتصريحاتهم عن الحدود بهدف التخويف ولكن... لماذا التركيز على الحدود وتعمد ابرازها فى كل أحاديثكم اذا كانت لا تعدوا جزء من أجزاء الشريعة؟ وبما انكم تقولون ان الدين كله كتلة واحدة لا يفضل فيه جزء آخر فلماذا حديثكم عن الحدود يفوق حديثكم عن الأجزاء الأخرى مجتمعة؟ ضعوا الحدود فى حجمها ومكانها حتى لا تعطوا الفرصة للإعلام الموجه ان يحاربكم.
أذكر أنه فى احدى المرات قال أحد أعذاء جماعة الإخوان كلمة أثارت الدنيا ولكنى اتفقت معهاكثيرا وهى: "تطبيق الحدود يأتى بعد امتلاك الأرض".. بالفعل لا يمكن تطبيق الحدود على الأرض الا بعد اقامة دولة الإسلام فى النفوس قبل الدواوين.
- الأمر الثانى هو ضرورة تطبيق "مظاهر الدولة الإسلامية"(وفى هذا تستوى جميع التيارات المنتسبة للدين دون استثناء).. وهنا يتحدث الدينيون عن ضرورة ظهور المظاهر الإسلامية فى شوارع وطرقات الدولة الإسلامية.. فمثلا يمنع الإختلاط ف الأماكن العامة وتمنع الخمور فى الأماكن العامة وتمنع الملابس الغير محتشمة فى الأماكن العامة مع احتفاظ كل فرد بالحق فى ان يفعل ما يشاء داخل ملكيته الخاصة.. بمعنى انى لا أستطيع شرب الخمر فى النادى مثلا لكن أستطيع شرب الخمر فى منزلى.
وهذا الطرح أختلف أنا معه فى نقطة أن الشريعة الإسلامية لا يمكن أن تنتشر بطريق العصا والإكراه.. والإصرار على تلبيس الباطل ثوب الحق(تمارس الفواحش فى المنزل وتخرج الى الشارع باللحية والجلباب) لن يكون أبدا هو سبيل اقامة دولة الإسلام بل على العكس هو بعينه دولة الشيطان.
للإقتراب أكثر من هذا النموذج وتوضيح ما به من عوار دعونا نأخذ مثالا..
المملكة العربية السعودية والتى هى فى الأساس مصدر الفكر الوهابى الذى يغزو البلاد حاليا يقول عنها مشايخ السلفية انها دولة الإسلام لأنها تقيم الحدود.. فما هو حال السعودية؟
ترى النساء فى الشوارع بالعبايات السوداء والرجال باللحى ومع ذلك فالزنا منتشر فى الدولة مثلها مثل غيرها من دول العالم العربى.. بل ان كثير من النساء بمجرد السفر خارج حدود دولتهم يتحررن من العباية ويرتدين ما بدا لهم.
الخمور ممنوعة فى السعودية ومع ذلك فهى موجودة والوصول اليها متاح لمن يريد.
المواقع الإباحية محجوبة من على الانترنت ومع ذلك فالأقمار الصناعية جميعها مفتوحة بكل ما تبثه من عرى واباحية وقنوات اباحية كاملة.
بل ان نسبة الشذوذ بين الرجال فى السعودية مرتفعة عن كثير من غيرها من الدول العربية بشهادة أهل السعودية أنفسهم.
وفوق هذا كله.. فالعلاقات الخارجية للملكة العربية السعودية وتزويدها للولايات المتحدة ودول أوروبا بالبترول والأموال أحيانا والذى يستخدموه لايذاء المسلمين لا يمكن أن يكون بأى حال من الأحوال من أخلاق الدولة الإسلامية.
وماذا عن القواعد العسكرية الأمريكية على أراضى المملكة؟ هل هى من الإسلام أيضا؟
هل هذا هو الإسلام؟
بالمناسبة من يريد انكار هذه المظاهر لعدم اتيانى بأدلة هو حر.. براحته
المملكة العربية السعودية هى المثال الحى على المشروع الإسلامى الوهابى أو السلفى كما هو معروف فى مصر والذى هو بعيد كل البعد عن الإسلام كما أن العلمانية بعيدة كل البعد عن الإسلام.. ولو كان الوهابيون قادرون على إقامة دولة الإسلام فى مصر لكانوا أقاموها فى السعودية كعبتهم وقبلتهم ومنشئهم ومهدهم.
فى الواقع انا انتمى اكثر الى المدرسة التى تؤمن ان الإسلام يبدأ من الداخل الى الخارج.. من الكور الى السيرفس.. والعكس غير صحيح.
إذا اهتم دعاة السلفية أكثر بنشر صحيح الدين فى القلوب بدل من التطبيق الإجبارى لمظاهر الدين بأمر القانون فسيؤدى ذلك حتما لاعادة بناء الدولة الإسلامية على الأرض.. وأى طريق آخر فى رايى لن يؤدى لبناء الدولة..
المسلمون الأوائل كانوا يتركون الحرام لله لا للقانون.. والسبب ان الرسول صلى الله عليه وسلم اهتم ببناء دولة الإسلام فى قلوبهم قبل بناءها على أرضهم..
ولعل فى إختيار الحق سبحانه وتعالى لشخص محمد بن عبد الله-صلى الله عليه وسلم- يحمل نفس المعنى.. فالله تعالى لم يختر شخصا فاسدا لكى يؤدبه بالقوانين ثم يستخدمه فى نشر الرسالة.. بل اختار سبحانه وتعالى شخص قلبه عامر بالخير والرشاد لأنه تعالى يعلم ان مثله هو من يصلح لإقامة دولة الإسلام.
أختم مقالى أرض النفاق بآية من سورة التوبة نزلت فى المنافقين: " وَالّذِينَ اتّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاّ الْحُسْنَىَ وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنّهُمْ لَكَاذِبُونَ "
صدق الله العظيم
والله الموفق
هناك تعليقان (2):
الله يفتح عليك .. بس تعليق صغنطوط ..صحيح اهل السعوديه مع عدم انحيازي مؤخرا ليهم الا انهم صحيح فيهم كل العبر من جوا مجتمعهم بس ما عندهمش كميه الفضايح و لا التوك شو ز اللي عندنا في مصر
عموما .. تدوينه حلوة بأسلوب جميل كالعـــاده :)
يا حبيبتى ما دى الفكرة انهم ظاهريا محترمين وقرفهم فى السر.. داسبب العنوان ارض النفاق
إرسال تعليق