كنت بقرا فى الرواية الرائعة-كالعادة-: "المسيخ الدجال" بقلم أستاذى ومعلمى الراحل/ د. مصطفى محمود.. بغض النظر عن الرواية مثل كل كتابات الدكتور أكتر من رائعة.. الا انى توقفت عند نقة فى بداية الرواية وجدتها تستحق التفكير مرارا..
خلونى اديكم-بفرض ان فى حد بيقرا يعنى- فكرة عن الرواية..
الرواية بتتكلم عن المسيخ الدجال ولكن ليس فى الدنيا وانما فى الآخرة ورحلته فى جهنم حتى وصوله لمثواه الأبدى فى الدرك الأسفل من النار-ولا نتأله على الله- وفى خلال الرحلة يرينا الكاتب ضروبا من الفكر والفلسلفة الدينية والدنيوية بشكل شيق وعميق وسلس كعادة كتابات د. مصطفى محمود -رحمه الله-.
------------------------------------
خلونا نقرا النص دا من الرواية...
فى أثناء سيرهما فى جهنم فى الطريق الى مستقر المسيخ الدجال.. يسأل المسيخ قائده "مالك" خازن النار -عليه السلام-: "ولكنى كنت ضحيتكم.. لقد أرسلتم الى ابليس فخدعنى.. وأعطيتمونى عصا أمشى بها على الماء وأسافر بها الى أقصى الأرض"
فرد مالك-عليه السلام-: "لقد أعطينا كفارا مثلك أقمارا صناعية ومراكب نزلوا بها على القمر وسفنا ذهبوا بها الى المريخ وهم الآن نزلاء فى غرف مجاورة.. ان الله يرزق المؤمن والكافر وهو يعطى كل سائل طلبته.. فحين رأيناك ساجدا لا تطلب فى سجدتك الا اللذة والغلبة أعطيناك اللذة والغلبة.. وأرسلنا اليك قرينك الذى يشبهك.. ابليس الذى لا يفكر الا فى نفسه مثلك"
فقال الدجال: "ألم يكن من الممكن أن تنزلوا على جبريل رحمة بى"
فضحك مالك وهو يدفعه من قفاه قائلا: " ان بينك وبين جبريل ما بين السما والأرض.. جبريل نور وانت نار.. ولا مجانسة بينكما فى شىء.. انما يتنزل القرناء على بعضهم بحكم المجانسة.. ولو تنزل عليك جبريل لما سمعته لبعد الشقة واختلاف الذبذة بينكما.. وقد كان الله يكلمك طوال عشرين سنة من العبادة المزيفة فلا تسمعه.. وكان ابليس يهمس اليك فتستجيب له بكل أعضاءك وتزاول شهواتك وانت ساجد"
------------------------------------
ومن هنا نجد ان الكاتب ينبهنا الى عدة حقائق خطيرة جدا..
- ليس كا يفعله الإنسان يقصد مدلوله الظاهر حقا.. بمعنى انه من الممكن ان يندمج أى منا فى عبادة ما بجسده ولكن قلبه معلق بالدنيا وما فيها.. ولم يستفد من عبادته شيئا الا القيام بطقوس لا معنى لها فى حد ذاتها وانما تستمد معناها من قدسية المناجى واستشعار وجوده فى القلب اثناء القيام بحركاتها.
- من الممكن أن يتمادى الانسان فى نفاقه حتى ""يخيل"" له انه هو شخصيا قد انخدع بهذا النفاق وصدقه.. كأن يظل الانسان يصلى فيقوم من صلاته ليعصى الله ويستمر فى ذلك حتى يخدع نفسه بانه يصدق انه على الدرب السليم وانه من الناجين والفائزين بما استحقه من طيب عمله.
- انه لا يحدث ابدا ان يفعل الانسان عملا يغضب الله تعالى دون ان يكون مدركا ولو بجزء فى نفسه انه على الطريق الخاطىء.. وهذه من حكمة الله تعالى فى الكون.. حيث جعل للإنسان القدرة دائما للحكم على أفعاله مهما كان دينه أو خلقه.. وذلك بشىء غرسه الله تعالى فيه.. ألا وهو "الفطرة".. فقد فطرنا الله تعالى جميعا على الحق وعلى الصواب.. وغرس فينا صحيح القيم وصالح الأعمال.. وهذا شىء لا يتغير ولا يتبدل فى الإنسان وبذلك حينما يقدم أى انسان على أى عمل فانه بفطرته يقدر على وضع هذا العمل فى ميزان الحق او ميزان الباطل.. وسبحن الذى جعل الفطرة راسخة لا تتغير ولا تتبدل حتى تكون شاهدا على الانسان يوم القيامة.
ولذلك فمهما حاول الانسان أن يغالط نفسه ويخدع نفسه بمحاولة اقناعها انه لا يعرف هل ما يفعله صواب أم خطأ.. فانما هو يزيد نفسه ضلالا ويحاول دون جدوى الالتفاف على الحقيقة التى يدركها جيدا ولكنه يتغاضى عنها استجابة لرغباته.. ولكن اين المفر من الله؟
فان كان الانسان يقدر ان يهرب ويخدع نفسه فى الدنيا.. فماذا عن الآخرة؟ كيف يخدعها وهى من سيعترف عليه؟
سيقول: "يا الله لقد ظنت نفسى انى على صواب".. فترد عليه نفسه: "كذبت.. بل نبهتك لخطأك ولكنك تغاضيت ورفضت ان تستمع.. نحيتنى جانبا وانغمست فى غيك وضلالك وانا منك براء".
أكتفى بهذا القدر وكلى خوف ان تكون هذه التدوينة شاهدة على يوم القيامة وتكون سببا فى دخولى النار والعياذ بالله باقرارى بيقينى ان كل ما أفعله انما افعله وانا اعلم فى أى ميزان يقع.
.. اللهم لا تؤاخذنا بذنوبنا.. واغفر لنا وارحمنا.. انك انت التواب الرحيم
---------------------------------------------------
رواية المسيخ الدجال لمن يرغب فى قرائتها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق