#عن رواية "الفيل الأزرق"

انتهيت اليوم من قراءة رواية "الفيل الازرق" للكاتب المصري أحمد مراد بعد ما منحتني ظروف طارئة بعض الوقت في المنزل فضلت استغلاله في إعادة شحن بطارية القراءة في مخي والتي نضبت منذ زمن طويل..

في البداية تجدر الإشارة لأني لست من معجبين أحمد مراد و في رأيي هو أحد مرتزقة عالم ما بعد الثورة في مصر والذي استطاع استغلال الخط الشبابي المتفجر في الشارع المصري لصالحه و قدم منتجات بها مقومات النجاح "في مثل هذا السوق" 

اما عن سبب قرائتي للفيل الازرق بعد فترة ليست قصيرة من صدورها فهو اعجابي بالفيلم المصور عن أحداث الرواية و اقتناعي بأن جودة الفيلم تعود للمخرج و ليست للكاتب صاحب الفكرة، ففضلت قراءة الرواية حتى أتبين، أما عن سبب مشاهدتي للفيلم في الأساس فيرجع لمزيج سخيف من الفراغ والفضول.. 

لعن الله الفراغ و الفضول!! 

--------------------------------------

أحمد مراد يدرك جيدا انه لا يمتلك مقومات مقومات الكاتب التي تعينه على النجاح في سوق الأدب، ولا مقومات الأديب التي تعينه على إبداع عمل أدبي ذي قيمة عالية يكون مآله أرفف المكتبات في زمن شبابه لا يقرأ أكثر من بوستات "أساحبي"  على الفيس بوك.. 

لذلك عمد مراد لتقديم ما لا يستحق القراءة لمن لا يجيد القراءة طمعا في نشر سلعة فاسدة في وسط لا يقل فسادا سعيا لأرباح مادية بحتة و مكانة زائفة في وسط تائه يبحث عن قدوة تناسب أفكاره و اسلوب حياته...

في الرواية اول ما يفاجأك هو عدم قدرة مراد على المحافظة على لغة عربية سليمة في نصوصه.. 

فهو تارة يكتب بفصحى ركيكة و تارة يكتب بالعامية في عجز واضح عن الإحكام على زمام اللغة، و هي نقطة يدرك جيدا انها لن تشكل أزمة في تلوسط الذي يستهدفه.

أما عن ثاني ما يستوقفك في اسلوبه فهو ما يبدو أنه فهم خاطيء لديه لقيمة التصوير في التعبير، فهو لم يترك كلمة واحدة كتبها دون أن يضع لها صورة حتى صارت صوره تكفي لعمل كتاب بمفردها (متيبس كتمثال أثري)، (طنين كألف مدفع)، (رائحة فمي كمؤخرة خنزير ميت)...  إلى آخرها من الصور التي فاقت الحد المطلوب و المسموح وانتقلت إلى حد السخافة.

أما عن ثالث ما يستوقفك فهو اللعنات المتواصلة على فم يحيى الشخصية الرئيسية في الرواية فهو يلعن كل شيء و اي شيء دون أن تفهم سبب حقيقي لذلك.. 

على نفس النسق كتبت بالأعلى (لعن الله الفراغ و الكسل)

اما عن رابع ما يلفت نظرك في الرواية فهو استخدام الإباحية بشكل مرتبك، ففي بداية الرواية كان أقرب إلى التحفظ في الألفاظ و التعبيرات، في حين صار أكثر ميلا للتصريح في ربعها الأخير، و بين هذا و ذاك تراه مذبذب بين التحفظ و التصريح بشكل يشف عن استخدامه للاباحية كعامل جذب للقارئ ولاضفاء لمسة شبابية متمدنة(او هكذا ظن)  على كتابه كما نرى في الافلام العربية الرديئة التي يصفها اثحابها خطأ بالجريئة،، مع التأكيد أن كل هذا القدر كان في غنى عنه و بدونه ستصل فكرة الرواية كما وصلت به.

أما عن خامس نقاط النقض فهو ما يظهره الكاتب من عدم تمكنه من مقومات المشهد الذي يصوره.. 

فمثلا، عندما يصور مشهدا من التاريخ القديم (فترة المأمون)  تراه يستحضر كل ما يتخيله عن الفترة من مظاهر ويضعه في المشهد، فتراه يصف لك البيت بغرفته و اثاثه و خدمه و السوق خارجه برواده و احواله و... و... و... 

الكثير و الكثير من التفاصيل اذا اضفت اليها التصوير المبالغ فيه تشتت القاريء عن الفكرة الرئيسية للفقرة..

الرواية في مجملها لا تستحق الضجة المثارة حولها كعمل ادبي، و لكن تم التسويق لها بشكل جيد.. 

الرواية مكتوبة بطريقة تجعلها تصلح أكثر ك"سكريبت" لفيلم أكثر منها رواية.. 

في ظروف مغايرة لم أكن سأتحمس لاكمال الرواية و كنت على الأغلب سأعزف عن قرائتها بعد أول مائة صفحة و لكني كنت مدفوعا بشغفي للمقارنة بين الفيلم الجيد و الرواية التي كنت على يقين من تردي مستواها بالنظر لكاتبها و أحمد الله أن لم يخب ظني.. 

و أخيرا تحية مستحقة للمخرج مروان حامد على الإخراج الأكثر من رائع و الذي اجاد فيه كأفضل مخرجي هوليود بالنظر لامكانيات التنفيذ و الانتاج المتواضعة..