ok.. this is gonna be long!
السطرين دول اضفتهم بعد ما انهيت كتابة التدوينة
لأني لقيت انها طويلة جدا على انها تتنشر مرة واحدة فهقسمها على 3 تدوينات ان شاء
الله..
في السنوات الأخيرة ابتلى المجتمع المصري بظاهرة غريبة
جدا وخطيرة جدا في نفس الوقت.. هي ظاهرة العداء بين الشعب و بين الأطباء.
مبدئيا.. الطبيب في أي دولة في العالم هو شخص له مكانة
علمية وأدبية واحترام بحكم امتهانه مهنة تتعلق بسلامة أفراد المجتمع فضلا عن تقدير
المجتمع لعلمه ومهاراته العملية اللي بيحتاجها الأفراد.
حتى عندنا في مصر.. ولوقت ليس ببعيد.. قبل الانحدار
المجتمعي الرهيب اللي حصل في الدولة مع تردي الأحوال الاقتصادية وفترات الثورات وما
اعقبها من انحدار وفوضى مجتمعية وسلوكية وغياب شبه كامل للقيم الأساسية ومفاهيم التعامل
الإنساني السليم بين أفراد المجتمع.. حتى ذلك الوقت القريب كان الطبيب يحظى بمكانة
محترمة في المجتمع يستحقها دون شك.
في السنوات الأخيرة فوجئنا نحن الأطباء بتزايد نبرة
الكراهية والعداء من المجتمع تجاهنا.. العداء الذي تخطى حدود المشاعر إلى الأفعال التي
تسبب أذى نفسي وبدني كبير للأطباء وذويهم
تقريبا لا يخلو يوم دون أن نقرأ عن خبر تعدي على مستشفى
ما من أقارب احد المرضى.. أصبح خبرا يوميا نقرأه بشكل روتيني دون أن يترك في أنفسنا
أثر بجسامة حجمه.
طيب لازم يكون أول سؤال.. ليه؟
ايه هو السبب.. أو الأسباب اللي نتج عنها الوضع دا؟
هنا هسرد الأسباب من وجهة نظرنا نحن الأطباء اللي
قد يتفق او يختلف معاها الطرف الآخر (المجتمع).. وايوة مع الأسف.. الوضع حاليا اننا
بقينا اطراف متصارعة
أولا: انحدار إلى حد شبه زوال منظومة القيم والأخلاقيات
البدائية البسيطة في التعامل في المجتمع المصري في آخر ١٠-١٥ سنة وتدهور ثقافي وسلوكي
كبير أصاب أفراد المجتمع من الفئات المختلفة جعل الفوضى والغوغائية والهمجية هم المسيطرين
على التعاملات الحياتية اليومية بين جميع أفراد الشعب إلا من رحم ربي.. ودا مينطبقش
على التعامل مع الأطباء فقط.. لكنه بقى سلوك حاكم من المواطن مع أي حد يقدر عليه
ثانيا: تردي الأحوال الاقتصادية.. فمعروف ان ضيق العيش
والفقر من أهم أسباب الإنفجار المجتمعي.. وفي مصر حدث ولا حرج.. الأمور على الجانب
الاقتصادي للمواطن تنتقل من شيء إلى أسوأ ومن بعد الثورات وتوابعها الاقتصادية حصل downgrade لكل المواطنين..
كل واحد وقع في شريحة أقل من اللي كان متعود عليها.
نفس السبب دا بيخلي المواطن ينظر للطبيب على انه غني
وهو فقير؛ الحقيقة معظم شباب الأطباء بيشحتوا فعليا.. لكن معظم الأطباء بعد استقرار
حياتهم العملية عندهم مستوى دخل ومعيشة أعلى من باقي طبقة موظفي الحكومة من أقرانهم
بدرجات متفاوتة.. والحقيقة برده ان دا طبيعي وانه مش عيب وانه مش من فراغ لكن نتيجة
تعب سنوات و مجهود جبار و تضحيات كثيرة وأخيرا عمل لساعات أطول.. الطبيب مستواه المادي
مش بيرتفع من العمل من ٨-٢ و القعدة على القهوة باقي اليوم؛ ولازم نقر بحقيقة انه في
ظل الظروف الاقتصادية الحالية فالمواطنين بيكرهوا اي حد معاه فلوس لمجرد انه معاه فلوس..
دي حقيقة
يعني لو شافوا واحد غني يقولوا ما دا اكيد حرامي..
رغم انه ممكن.. ممكن يعني.. ميكونش حرامي.. ممكن والله عادي
تاخد مثال؟ نجيب ساويرس
اغلب المصريين بيكرهوه عشانه معاه فلوس ومنهم اللي
بيتسائل هو ليه ميوزعش على كل مواطن مليون (وفي اقاويل مليار) مهو معاه فلوس كتير..
دي حقيقة والله
(صحيح ساويرس تحديدا المصريين بيكرهوه لأنه غني ولأنه
مسيحي..ودي حقيقة برده بس دا مش موضوعنا دلوقت)
ثالثا: ضعف القدرة الفعلية للخدمات المقدمة من وزارة
الصحة.
مبدئيا لازم نفهم ان الخدمة الصحية الجيدة مكلفة للغاية..
والخدمة الصحية فقط مكلفة فقط.. في كل الأحوال الخدمة الصحية مكلفة ولا يمكن توفيرها
بدون نفقات.. عشان كدا مفيش اي دولة في العالم فيها تآمين صحي مجاني كامل غير كندا
فقط.. دولة تعداد سكانها بسيط و عندهم موارد تغطي دا.. اما باقي العالم فالخدمات الصحية
فيه تقدم بأنظمة تأمينية مختلفة ولكن جميعها مستقطعة من رواتب الأفراد.. بمعنى انك
في اي دولة في العالم غير كندا انت بتدفع تمن الخدمة الصحية بتاعتك يا اما عن تأمين
بيخصم من راتبك زي امريكا مثلا او كاش زي امريكا برده في حالة ان ميكونش عندك تأمين
او معندكش عمل اصلا..
طيب لو مفيش تأمين ولا عمل؟ لا ولا حاجة هتترمى في
الشارع وتتساب تكوت حرفيا.. حرفيا.. ودا في أمريكا مش في مصر
يبقى اذا نتفق على مبدأ ان الخدمة الصحية مكلفة..
طيب هل مصر بتنفق على الصحة؟
لأ طبعا.. معدل الإنفاق العالمي على القطاع الصحي
١٤% وعندنا في مصر بيتراوح بين ١.٤-١.٧% مع العلم انك في مصر يفترض انك بتقدم علاج
مجاني بالكامل ودي حاجة مبيقدمهاش اللي بيصرف ١٤%.. انت متخيل حجم المهزلة؟
نتيجة دا انه ببساطة مفيش إمكانيات لتقديم الخدمة
الصحية اللي حضرتك منتظرها كمواطن واللي نص الدستور المصري بيكفل ليك الحق فيها على
فكرة.. وبالتالي فانت كمواطن ارجعت نقص الإمكانيات دا لأن الدكتور مش عايز يعالجك وخلاص
لأن طبيعي ان عوام الشعب هيفكروا في المشكلة من سطحها مش من قلبها فبياخدوا اللي قدامهم
وخلاص اللي هو آخر درجة في سلم الخدمة الصحية.. مقدم الخدمة
رابعا: الدولة مدركة جيدا انها بتضغط على المواطن
اقتصاديا وأمنيا بشكل كبير.. وان لازم المواطن يفرغ الضغط دا.. بس طبعا مش هينفع يحصل
دا في جهاز أمني او قضائي.. المواطن يخاف يجرب أصلا.. فكان الحل الأمثل هو قطاع الصحة..
الدولة بتدفع المواطن دفعا لتفريغ كل مشاعره السلبية ناحيتها في المستشفيات ومن خلال
التعدي على الأطقم الطبية..
وزراء الصحة المختلفين دايما بيصرحوا ان المستشفيات
كاملة التجهيزات.. ودا كذب بين يشهد ربنا عليه.. ودايما تلاقي الوزير اول ما يمسك ينزل
يحوله ٥٠٠ دكتور للتحقيق في اي مكان او ينقل زيهم اماكن بعيدة او غيره من أفعال الشو
اللي بتكون مقصودة لتوجيه المواطن.. مع ان الطبيعي ان لو في تقصير من طبيب يحاسب قانونا
زيه زي اي موظف بتحقيق من الشؤون القانونية المختصة ويوقع عليه كافة العقوبات المستحقة
المنصوص عليها في القانون.. زي ما بيحصل مثلا مع ظابط.. بلاش.. امين شرطة عمل شيء مخالف
زي انه قتل مواطن مثلا او قاضي اتمسك بمخدرات.. الحاجات دي بتحصل برده (وعلى فكرة في
العالم كله مش عندنا بس) وبيتم سلك كافة الطرق القانونية في التعامل مع المخالفات دي and guess what? هو دا الصح ودا اللي مفروض يكون
خامسا: الغياب الكامل لمنظومة القانون والتأمين في
المستشفيات وغياب قوانين المسائلة الطبية..
النقطة دي انا جمعت فيها نقطتين متصلين؛ غياب التأمين
عن المستشفيات وغياب القوانين الصارمة اللي تتصدى للتعدي على المستشفيات والاطقم الطبية(بالمناسبة
دا مش privilege دا شيء بديهي
وطبيعي الطبيب في النهاية موظف ولا يجوز التعدي على موظف في مكان عمله).. غياب التأمين
رغم تكرار حوادث التعدي بشكل يومي انما بيؤكد النقطة الرابعة
اما عن قانون المسائلة الطبية فغيابه مع شيوع الفوضى
وتردي الأحوال الإقتصادية جعل الأطباء مطمع لكل ضعاف النفوس في انهم يكونوا مصدر دخل
عملا بمبدأ ان كل واحد في مصر ماشي يحط ايده في جيب اللي جنبه؛ ولغير الأطباء أوضح
ان المقصود هنا هو غياب آليات صحيحة للمحاسبة في الحالات التي تقع بين المضاعفات الطبية
وبين الإهمال الطبي.. والفارق بينهما كبير.. فالأول وارد ااحدوث مع اتخاذ التدابير
اللازمة ولا يسأل الطبيب عنه والثاني ناتج عن خطأ من الطبيب يسأل عنه قطعا.
سادسا: أخطاء تحدث من بعض الأطباء أذكر أهمها
- تقصير بعض الأطباء في أداء واجبه في العمل الحكومي
واهماله لحساب العمل الخاص وهو قطعا خطأ يستوجب المحاسبة ولكن يجب الانتباه لأنه خطأ
يشمل جميع المصالح الحكومية ولأنه لا يشمل الأغلبية من الأطباء.
- تدني بعض الأطباء في تعاملهم مع المرضى.. في دكاترة
للأسف عشان "الزبون" ميمشيش بيعملوله كل اللي هو عايزه وبالتمن اللي يرضى
بيه.. دول فعليا سبب مهم في استعلاء المواطن على الأطباء
- التعسف الداخلي بين الأطباء وبعضهم.. المدير الظالم
طبيب و مدير الإدارة ووكيل الوزارة المتعسف طبيب و الزميل الغير ملتزم اللي بيسيب شغله
لزمايله طبيب و الطبيب اللي بيتكلم على زميله بشكل سيء ويجرح فيه طبيب.. كلها سلوكيات
بتساهم في سوء الوضع وانحدار صورة وقيمة الطبيب أمام متلقي الخدمة.
سابعا: الشحن الإعلامي المستمر والمتواصل ضد
الأطباء وهو في جزء منه بتوجيهات امنية من الدولة وفي جزء آخر بسبب الجهل والغباء
المترسخ في القائمين على العمل الإعلامي في مصر وفي كل الأحوال لأن الأطباء لا
شوكة لهم ولا يخشى منهم رد فعل لأي تطاول مهما بلغ.. فلا تنظيم ولا نقابة ولا
وزارة تحمي.
ثامنا: تقاعس الأطباء عن المطالبة بحقوقهم
الأطباء هم الفئة الأسوأ في مجال التنظيم والتحرك
ودا بيأتي في تزامن مع موقف دائم من وزارة الصحة المنوط بيها المحافظة على حقوق الأطباء
ضد الأطباء فضلا عن ضعف تام وكامل لنقابات الأطباء المختلفة وبخاصة في عهد.. عهود..
د. منى مينا اللي نجحت في شيء واحد وهو تحويل النقابة لمركز جبايات جديدة تأخذ من الأطباء
أموال طوال الوقت بدون تقديم أي مقابل اللهم الا معاش ٧٠٠ج.
--------------------------------------------------------------
انتهى الجزء الأول عن أسباب العداوة المتزايدة من المجتمع تجاه الأطباء.
الجزء الثاني فيه تعليق على بعض المفاهيم الشائعة بين الناس عن الاطباء.. هنا
الجزء الثالث فيه كلمتين عن أثر العداء دا على الطبيب و المجتمع .. هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق