مر أكتر من سنتين على ثورة يناير ما حدث فيهم قد يحتاج
لقرون طويلة لتحليله وسبر كافة أغواره ومعرفة حقيقته والآليات التى تسببت فى وأدت
الى حدوثه.. ولا شك أننا مع كل يوم جديد سنكتشف الكثير من الجديد بخصوص الثورة
والأحداث المتعلقة بها سواء ما سبقها من ظروف أدت لقيامها أو ما ترتب عليها من
أحداث لاحقة.
منذ أكثر من تسعة أشهر تولي د. محمد مرسي حكم البلاد
كأول رئيس منتخب بعد الثورة خلفا للمجلس العسكري الذى تولى الأمانة فى الفترة
الإنتقالية وكان أهلا لها على الأقل فى رأي كاتب التدوينة..
منذ تولى مرسي مسؤلية البلاد حدث الكثير والكثير من
الأحداث والتى اختلف المواطنون فى تفسيرها كل حسب المعسكر الذى ينتمى اليه بينما
ظلت قلة قليلة على الحياد و أخذت تفسر كل واقعة على حدة بحيادية فى محاولة للخروج
بصورة واقعية عن طبيعة الأحداث.. ولكن الذى اتفق عليه الجميع هو تدهور الأوضاع فى البلاد
وإنتقالها من سىء الى أسوأ فى عهد مرسي أيا كانت الأسباب.
فى هذه التدوينة لن أحاول إلقاء الضوء على الأحداث
الجارية فليس هذا موضوعها ولن أحاول تأييد أو انتقاد من بيده مقاليد السلطة الآن
فهذا كذلك ليس موضوع اليوم, وانما سأحاول الرد على فريق من المواطنين بعدما زادت
معاناته فى عهد مرسي وبعدما تحطمت آماله التى عشاها وقت ذهابه للتصويت ضد الفريق
شفيق أو التصويت لمشروع النهضة. فى هذه التدوينة أحاول الرد على من يقولون:
"إحنا ظلمنا مبارك.. أنا آسف يا ريس".
مما لا شك فيه أن مبارك كان رئيسا مثله مثل غيره له
مميزات وله خطايا.. فربما كان من أبرز مميزاته أنه لم يتعد يوما على مؤسسات
الدولة.. فلم نر يوما أنه تعدي على حكم قضائى أو على قاض.. ولم نر يوما منه تجرأ
على المؤسسة العسكرية أو الأزهر وعلماءه وفى رأيي فهذه الجهات الثلاث هى أهم
مقومات دولة مصر.. "الأزهر.. والقضاء.. والجيش".
أما عن خطايا مبارك فهي أكثر من أن تحيط بها تدوينة
واحدة.. ولكن تظل أعظم خطيئة لمبارك هو "أنه المسؤل الأول عن الوضع الذى وصلت
اليه البلاد الآن بعد عامين من الثورة".
سيقول البعض أنى الآن أدافع عن الإخوان وأبرئهم من
أخطاءهم فى إدارة الدولة ولكن من يعرفني ومن يتابع مدونتيى يعرف جيدا أنى آخر من
يدافع عن الإخوان الا إذا كان لهم حق مهضوم وأقتضت الضرورة مساندتهم فى استرداده
ففى هذه النقطة يتساوى لدي الجميع بغض النظر عن موقفي منهم.
مسؤلية مبارك عن الوضع الحالى ترجع لأخطاءه فى التعامل
مع قضايا الدولة فى عهده..
لو تناولنا المشاكل اللى الدولة تعرضت ليها من الثورة
لحد دلوقت لوجدنا إن جذورها ترجع فعلا لممارسات نظام مبارك, فمشكلة الأمن على سبيل
المثال ليها بعدين.. اقتصادي وأمنى.. ومبارك فى عهده زادت معاناة الناس الإقتصادية
وفى عهده برده كرهت الناس الشرطة بسبب بطشها وظلمها الغير مسبوق ودرجة الفجر اللى
وصلولها فى التعامل مع الشعب دون رقيب أو محاسب.
أما عن المشكلة الأعظم واللى هى موضوع المقال فهى
الإسلاميين وبخاصة الإخوان ومعاناة الناس تحت حكمهم.. فمسؤلية مبارك عن دا مسؤلية
مباشرة للأسباب التالية:
- الصفقة بين مبارك والإخوان كانت واضحة.. إحنا هنسيبلك
الحكم وانت هتسيبلنا الشعب.. الإخوان عمرهم ما رفعوا مطلب واحد لإسقاط مبارك ولحد
أول يوم فى الثورة كانوا بينادوا بتغيير الحكومة ودا كان دايما سقفهم فى
المعارضة.. فى المقابل مبارك كان سايبهم ينتشروا وسط الناس وينشروا فكرهم ويسدوا
عنه عجز الدولة فى توفير احتياجات المواطنين وبكدا مبارك خلى الشعب يشوف انهم ناس
طيبين بيهتموا بشؤن غيرهم من المواطنين.
- مبارك سمح للإخوان بالازدهار فى مجال اللإقتصاد
وبتكوين امبراطورية مالية ضخمة وعلاقات دولية مع دول أصحاب مصلحة فى التدخل فى
الشأن الداخلي.. دول زى إيران وإسرائيل وذيلها أمريكا سواء مباشرة أو عن طريق قطر
ودا إحان بنعانى من عواقبه دلوقت.
- مبارك احتفظ بالجماعة لإحتياجه لوجود معارض أليف يأمن
شره ويضمن أنه لن ينقلب عليه ما دامت السلطة فى أيده وبالتأكيد هو ظن أنها هتدومله
زى باقى الرؤساء العرب من جيله.. والجماعة استفادت من دا كويس بعد الثورة واندست
وسط صفوف المعارضة لتحقيق أهدافها اللى هي بعيدة كل البعد عن مصلحة الوطن اللى و
كان فى الأساس يعنى لهم شيء مكانش دا هيبقى نهجهم مع مبارك ونظامه أبدا.
- مبارك فى عهده تم إضعاف وإقصاء جامد جدا للأزهر ولدوره
ودا سمح للأشكال الضالة من الجماعات الإسلامية المختلفة بالإنتشار فى أوساط
المجتمع المصرى وتقديم بديل منحرف اتجهتله الناس مضطرة لتعويض غياب دور الأزهر ودى
جريمة فى حد ذاتها تكفى لإعدام مبارك عشرات المرات.
- نجاح الإخوان فى الانتخابات بالجهل والزيت والسكر ما
هو الا نتيجة مباشرة لنسب الفقر والأمية فى عهد مبارك ورداءة ظروف المعيشة ونوعية
التعليم المطروحة فى عهده.. فلو كان قد اهتم بتعليم الناس وسد حاجاتهم لما استمعوا
لمن قال أن مرسي باب الجنة ولما باعو اصواتهم برغيف عيش.
- وأخيرا فنظام مبارك هو اللى أسس منظومة الفساد اللى
الإخوان حاليا مستفيدين من وجود جذورها فى الدولة.. فالفساد فى الوزارات المختلفة
وبخاصة الداخلية يسأل عن وجوده فى المقام الأول مبارك لأنه حتى مع وجود نية تطهير
لدى المجلس العسكري فالتطهير يأخذ وقت طويل.
اذا فمبارك هو المسؤل الأول عن وضع الدولة الحالى وهو
المسؤل الأول عن الجرائم التى ترتكب فى حق الوطن باسم الإخوان فهم صنيعته وكلبه
الأليف الذى أحسن تربيته وتقوية أنيابه. وربما يسأل البعض وماذا كان فى استطاعته
أن يفعل لتحجميهم؟
الإجابة ببساطة لو كان مبارك حقا شخصية وطنية كما تخرج
علينا الأبواق الفلولية موعذة لمن أرهقتهم الظروف بعد الثورة بذلك فكان لزاما عليه
أن يظهر حقيقتهم للمواطنين بحملة إعلامية شفافة وحقيقية ترصد تاريخ الجماعة
وخطاياها واضرارها بالوطن منذ نشأتها بالتوازى مع سد حاجات الناس التى تصدى لسدها
الإخوان..
مبارك لم يكن يوما شخصية وطنية ولم يهتم يوما بشعبه وحتى
وإن كان هو برىء من ذلك ومن حوله هم من أفسدوا فهذه المسؤلية تقع على عاتقه فهو من
أتى بهم ومن سمح لهم بأن يفسدوه.
وختاما.. مصر تسير على الطريق الصحيح وما نحن فيه ليس
سوى المسار الطبيعى لدولة تحاول الخروج من مستنقع مليء بالمشكلات وما الإسلاميين
الا أحد هذه المشكلات التى تعترض طريق الصعود والذى سوف نعبره بإذن الله رغم أنف
الجميع.
لا.. إحنا ما ظلمناش مبارك.. و لأ.. أنا مش آسف يا ريس.
والله الموفق