من كام شهر كتبت تدوينة بعنوان "الشرك
بالوطن والكفر بالثورة" وكانت واحدة من التدوينات اللى ناقشت فيها إنحراف
"منهج" شباب الثورة ويمكن كانت واحدة من التدوينات اللى قضت على ما تبقى
لى من صداقات فى صفوف الثوار.
فى تدوينة انهاردة هكتب تقريبا نفس
الأفكار مع تغيير بسيط انى هنا مش بتكلم
على الثورة ولا على شبابها لكن بتكلم على الإخوة السلفيين.
جدير بالذكر ان التدوينة كالعادة وكما هو
متوقع لن تلاقى اعجاب من يقرأها من التيار السلفى تماما كما إختلف معى أصدقائى
الثوار فى التدوينة السابقة, وكما انى كنت ولا زلت مقتنع تماما بصحة وجهة نظرى فى
تدوينة الثورة-وهو ما أثبتته الأيام بعدها- فأنا كذلك مقتنع تماما بكل ما سأقوله
فى هذه التدوينة -التى أتمنى ألا تكون طويلة- والذى أعتقد أن الأيام ستثبته أيضا
ربما فى القريب الغير عاجل.
فى التدوينة السابقة "الشرك بالوطن
والكفر بالثورة" كتبت عن كيف أن الثوار قدموا الثورة على الوطن وحولوا قبلة
إخلاصهم من الوطن(الأكبر) الى الثورة(الأصغر) وبذلك كان طبيعى ان تحدث انحرافات
عديدة فى الآداء نتيجة انحراف المنهج فليس كل ما يصلح للثورات كحدث مؤقت محدود
يصلح للأوطان وهى الكيان الدائم ما دامت الأرض.
وللى عايز يقرا التدوينة بتاعت الثورة يقدر
يشوفها على الرابط دا..
ننتقل بقى للأخوة السلفيين ونوضح سبب ربطى
التدوينة دى بالتدوينة السابقة..
اللى بيتصفح مننا المصادر السلفية, سواء أكانت
مواقع سلفية أو منتديات سلفية أو صفحات وجروبات سلفية على facebook أو حتى حسابات شخصية على مواقع
التواصل الإجتماعى المختلفة, هيكون بدون شك مر عليه الاسماء دى او ما شابهها-نذكر
للمثال لا الحصر-: "أنا السلفى – فرسان السنة – حراس العقيدة – سلفى وأفتخر –
الحياة بقى لونها سلفى – لو لم أكن سلفيا لوددت أن أكون سلفيا – الصفحة الرسمية
للجبهة السلفية....." الى آخره من الأمور المتعلقة بالسلفيين وسيندر جدا أن
يجد صفحة تخلو من التصريح بالانتماء السلفى فى عنوانها ومضمونها.
والموضوع دا فى حد ذاته مش عيب ومش غلط اننا
"كمسلمين" نتميز عن غيرنا من أصحاب الديانات الأخرى بمسميات زى ما احنا
بنتميز عنهم فى العقيدة والعبادات والشرائع وخلافه.. ويمكن علشان كدة ربنا قال فى
القرآن الكريم: "وهو سماكم المسلمين" والآية هنا واضحة ان ربنا اختارلنا
اسم محدد وواضح وصريح. "مسلم" لم يذكر فى الكتاب سنى ولا شيعى ولا سلفى
ولا اخوانى ولا صوفى ولا غيرها من المسميات اللتى ابتلى بها المسلمون على مر حقب
التاريخ المختلفة.. وذلك مع علم الله تعالى انه سيكون من المسلمين سنة وشيعة
واخوان وسلفيين الى آخره من المسميات. رغم كل هذا لم يذكر القرآن عنا سوى كلمة واحدة
فقط هى المسلمين. فلماذا استبدل الإخوة السلفيون تسمية الله عز وجل بتسمية
مرجعياتهم وأأمتهم؟
سيقول البعض ان هذه التسمية لم يختاروها
وانما نسبها الإعلام اليهم وهو بالفعل قول أحد أكبر مرجعيات السلفية فى مصر
"د. محمد إسماعيل المقدم" ولكن هنا يأتى سؤال جدير بالبحثعن إجابة له:
لو كانت دى تسمية نسبت اليكم, لماذا لم تنبذوها وتعلنوا هذا صراحة بالفعل وليس
بالقول فى الكتب التى لا يقرأها سواكم؟ فأنا أفهم ان يكون الإعلام ألصق بكم
التسمية بهدف التشويه فيما بعد ولكن لا أعتقد أن يكون الإعلام هو من قام بتسمية
الموقع السلفى الأول والأكبر فى مصر: "أنا السلفى" والذى يشرف عليه أحد
أكبر الرؤوس السلفية فى مصر بنفسه-بحسب ما ذكر على الموقع- الدكتور ياسر برهامى
العقل المدبر للدعوة السلفية فى الإسكندرية؟
وهنا ربما يتسائل البعض هنا.. ما أهمية الاسم
اذا كان المضمون سليم فالذى يهم هو ما يقولونه وليس ما يتسمون به؟
والسؤال دا عندى ليه أكتر من نموذج إجابة فى
الواقع.. واحد منهم من الأوساط السلفية نفسها.. والثانى من تفسيرى.. والثالث من
الواقع
- أولا.. لو اردنا اللإجابة على طريقة الإخوة
السلفيين فسأرد بكل بساطة: "اذا كان الله قد اختار اسم معين فى القرآن الكريم
اذا فلا بد أنه الأفضل والأعظم فلماذا نتركه أو نستبدله؟"
وبما أن الإخوة السلفيين يبحرون فى علوم
الحديث أكثر من علوم القرآن(بحسب ما يظهر منهم) فممكن نرد على طريقتهم بأنه كيف
لنا ان نستبدل تسمية المسلمين بالسلفيين اذا كان لم يرد فيها حديث؟
فضلا عن ان السلفيين من أكتر الناس اللى
بيتشددوا فى المسميات.. big on names لأنى مش عارف اوضحها
أوى
بالمناسبة الرد دا مش من عندى. انهارده كنت
بتكلم مع أحد أصدقائى السلفيين وبقوله انى مش مقتنع ان اللحية هتضيف أى شىء أكتر
من انها سنة(ودا انا ناقشته فى تدوينة: انا منتقبة. انا ملتحى).. فرد عليا بنفس
الطريقة وقاللى سنة دى يعنى حاجة عظيمة وحاجة كبيرة يبقى نسيبها ليه؟
- ثانيا.. تفسيرى انا للاهتمام بالاسم هو بكل
بساطة ان تحويل النظر عن الإسلام (كـ اسم) الى السلفية(كـ اسم برده) من شأنه انه
يسهل اندساس الكثير من الأفكار الشاذة فى المسمى الثاتى والتى ما كان يمكن لها ان
تنتشر فى ضوء المسمى الأول وخصوصا أن أكثر من ينقل العلم الى العوام فى الأوساط
السلفية هم اما شيوخ قليلى العلم مثل الذين نراهم فى المساجد بعد صلاة المغرب أو
شباب لم يأخذ كفايته من العلم فضلا أنه لم يدرس العلم بطريقة منهجية كتلك التى
يدرس بها العلم فى الجامعات الإسلامية المعتمدة فى العالم الإسلامى كله فمعظمهم ان
لم يكن كلهم اما تربى على يد الشيوخ الذين بدورهم لم يتعلموا بطريقة ممنهجة واما
من خلال ما يصله من المواقع والمنتديات وهنا استشهد بقول الامام مالك-اعتقد-
"من كان معلمه كتابه كثر خطأه وقل صوابه" . فالمنهج السليم فى الدراسة
كفيل بتثبيت القاعدة العلمية وتهذيب الأسلوب فى النقل وبالتالى تقل المساحة
المتاحة للشطط.
وانا هنا بالمناسبة لا أشير الى أن الأوساط
السلفية لا تحتوى على علماء.. اطلاقا فليس لى أن اقول هذا وفى الواقع لا يمكن ان
يقال هذا عن اى فئة كانت فى العالم.. فاذا كان الشيعة عندهم علماء ومرجعيات وحتى
الملحدين على اختلاف طوائفهم لهم مرجعيات فى الالحاد يتعلمون منها "فقه
الإلحاد" -ولا أمزح هنا- فليس من الغريب ان يكون فى أوساط السلفيين من عنده
علم غزير وحقيقى. ولكنى اتحدث هنا عن ان ليس هؤلاء من يصلوا للعوام فى القرى
والنجوع وحتى فى المدن الكبيرة. فالأقلية تلتف حول المرجعيات الكبرى والاكثرية
تأخذ العلم ممن ينقل عنهم واذا كان من ينقل ليس مؤهلا بشكل كافى كما هو الحال فى
أغلب من يتحدث باسم الدين هذه الأيام(حتى بين صفوف الأزهر الشريف للأسف) فمن
الطبيعى أن يدخل الشطط عن طريق هؤلاء بشكل ميسر.
أعلم ان اصدقائى السلفيين وغيرهم ممن ينتمون
الى التيار السلفى يقولون الآن أن هذا مجرد كلام من شاب قليل العلم ولا قيمة له
وانه ملىء بالمغالطات الى آخره من "الردود" المعلبة التى أبتكرت فى
الأوساط السلفية للرد على الاتهامات المعلبة التى تلقى فى وجوههم من الإعلام
المناهض للتيارات الإسلامية أو الإعلام المناهض للإسلام(هناك فارق كبير).. ولكنها
فى الواقع الحقيقة كما أراها وكما أعتقد انه سيكشف عنها الواقع ان شاءالله فى يوم
اتمناه عاجلا غير آجل.
وبالمناسبة فمثل هذه الردود التى سأتلقاها قد
تلقيتها بالفعل من الثوار عن تدوينة "الشرك بالوطن والكفر بالثورة"
وأثبتت الأيام صحة كلامى وخطأهم وهو ما سيدور حوله الإجابة الثالثة للسؤال المطروح
سلفا.
ثالثا.. الإجابة بدليل من الواقع..
كما ذكرت فى ختام النقطة السابقة فهذه النقطة
ستتخذ من خطأ الثوار مثالا من الواقع القريب المرئى لتوضيح خطورة التحول من
الإسلام الى السلفية فى المسمى..
كما حدث مع الثوار سيحدث مع السلفيين. فماذا
حدث مع الثوار؟
تحول الثوار عن مفهوم "مصر أولا"
الى "الثورة أولا" وصار شعارات مثل: "الاخلاص للثورة - الثورة مستمرة - الوفاء لدم الشهداء – الثورة
هى اللى جابتكم هنا....." الى آخره من الشعارات المتعلقة بالثورة هى لغة
الحوار المتداولة بين الثوار حتى حدثت النتيجة المنطقية لشرك الشباب بالوطن وهى
كفر الشعب بالثورة..
فمن وجهة نظر الثوار الشعب قد اختار أكثر
القوى الغير ثورية فى الانتخابات والشعب لم يخرج رافضا لحكم العسكر(اتحدث عن خروج
حقيقى كثورة يناير وليس الجمع المهترئة التى خرجت فيها الأقليات) والشعب كذلك
سيختار الرئيس الذى سيريده المجلس الأعلى للقوات المسلحة الى آخره من آيات الكفر
بالثورة التى قامت لتقضى على كل هذا(حكم العسكر والانتخابات سابقة التحضير وغيره).
اذا فقد أدى تحول قبلة الثورة الى فشل اهدافها المعلنة فى التحقق
وبما ان البدايات المتشابهة تؤدى الى نتاج
متشابهة. فمن المنتظر ان تسير الدعوة السلفية على نفس الطريق حتى نهايته(وفى
تقديرى الشخصى لا أتوقع منهم أى تعديل للمسار) وستكون نهاية دعوتهم كما كانت نهاية
من قبلهم ممن انحرف بهم المسار. وأتمنى من الله أن تسفر هذه النهاية عن تحول الناس
الى الدين الصحيح ونبذ كل شذوذ السلفية لا أن تسفر النهاية عن تحول الناس عن الدين
بأكمله كما يحدث الآن ممن يصطدم به قطار السلفية.
وأخيرا. هناك سؤال سأجتهد قدر المستطاع
للإختصار فى إجابته.. لماذا يميل قطاع ليس بالقليل من الشعب الى دعاة السلفية اما
بالاتباع صراحة واما بالمتابعة؟
اجابة هذا السؤال فى رأيى تتمحور حول أن
الشعب المصرى بطبعه متدين وسيقبل الدين من أى من يقدمه اليه وقد قبله عندما اتى
اليه موسى-عليه السلام- باليهودية وقبله
عندما اتى اليه عيسى بن مريم-عليهما السلام- بالمسيحية وقبله عندما اتى به عمرو بن
العاص-رضى الله عنه- فاتحا بالإسلام وقبله عندما جاء الفاطميون بالتشيع وقبله
عندما اسقط صلاح الدين دولة التشيع وأقام الأزهر كما نعرفه حاليا وقبله عندما جاءت
الجماعات الإرهابية باسم الدين وقبله عندما جاء حسن البنا بدعوة الإخوان الإصلاحية
فى بدايتها فمن الطبيعى ان توجد فئات فى الشعب تقبل دعوة السلفية على ما بها كما
وجدت من قبل فئات قبلت الدعاوى للدين بصلاحها(الديانات السماوية) وفساد
أغلبها(دولة الشيعة الفاطمية والجاماعت الارهابية باسم الدين).
وهنا يتضح تقصير الأزهر الشريف الشديد فى
ملىء هذا الفراغ والتعطش الى الدين الذى يملأ قلوب وعقول المصريين فالملام الأول
على انتشار اى دعوة منحرفة باسم الدين فى بلد الأزهر هو الأزهر الشريف نفسه وعلى
علماءه ان يستنهضوا هممهم لإصلاح العوج فى الخطاب الدينى والا فلا خير فيهم ولا فى
علمهم.
الدعوة السلفية فى رأيى فتنة مثلها مثل
الشيعة ولكن بشكل مختلف ومؤخرا كنت أقرأ كتاب عن الشيعة زادنى يقينا فى هذا
المعتقد و من خلاله فهمت انه كيف يمكن لفتنة أن تخدع أكابر العلماء وليس فقط
العوام كما خدعت الشيعة كثير من العلماء الكبار على مر التاريخ ومنهم من انتبه
ومنهم من لم ينتبه.
وكتعليق أخير لمن سيقول انى لم آت بدليل على
ما كتبت.. هقوله فقط كلمة واحدة بحبها أوى: "you’ve got brains for a reason”
كدا أكون الحمدلله انتهيت بقلب راضى ومطمئن
عن كل حرف كتب هنا ورغم ما سألاقيه من اعتراضات وخصوصا بعدما اصبحت مدونتى تتلقى
عدد ليس قليل من الزوار مع كل تدوينة جديدة.. وايضا اعتراضات اصدقائى والذين أتمنى
الا يأخذوا التدوينة على انها اهانة شخصية لهم فوالله ما لهذا أكتب.
والحمدلله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى
الا ان هدانا الله.
والله الموفق