الجمعة، 30 نوفمبر 2012

من خارج الحدث... مبارك أم بشار؟



لا يخفى على أحد حقيقة اشتعال الموقف الآن فى مصر وربما قريبا يصبح متأزما بشكل يصعب السيطرة عليه لو لم تتخذ الأطراف المعنية الإجراءات اللازمة بشكل سريع.
بعيدا عن الأمور المشتعلة دعنا نتعرض الى بعض المشاهد فى الواقع المصري منذ انتخابات الرئاسة وحتى وقتنا الحالى دون تعليق ونترك الحكم للقارىء.

(1)
- فى اليوم السابق لتولي مرسي رئاسة الجمهورية أصدر الحاكم فى ذلك الوقت(المجلس الأعلى للقوات المسلحة) إعلانا دستوريا يقتص من سلطات الرئيس سلطتين بعينهما: "الإنفراد بالتشريع" و "تأسيسية الدستور" وذلك لأن وقتها لم يكن هناك برلمان يحمل سلطة التشريع وإعادة تشكيل التأسيسية اذا ما تم حلها بحكم قضائى كسابقتها, وكان الهدف من الإعلان هو منع تركز جميع السلطات فى يد شخص واحد بدون وجود أى ضوابط أو روابط تكبح جماحه.. وربما تكون الأيام الماضية قد كشفت لنا عن أهمية وجود مثل هذا الإعلان.
بعد تولى مرسي الحكم قام بالغاء الإعلان الدستورى فى خطوة غير قانونية بالنظر لأن الإعلان صدر عن حاكم تولى المسؤلية بتكليف من الشعب مع نهاية الثورة وبالتالى فالقرار له نفس حصانة قرارات رئيس الجمهورية المنتخب وا يجوز الغاءه بمثل هذه الطريقة وكان الواجب أن يستصدر رئيس الجمهورية حكم من المحكمتين الدستورية العليا و الإدارية العليا بشأن الإعلان وكيفية التعامل معه.
قوبل تصرف الرئيس بترحيب من القوى السياسية لم يخلوا من القلق من تركز جميع السلطات فى يد الرئيس.. ولكن لم تخرج اعتراضات حادة على الغاء إعلان القوات المسلحة.
وخلصنا من هذه النقطة الى شيئين مهمين.. الأول اغتصاب الرئيس للسلطة التشريعية منفردا فضلا عن سلطته التنفيذيه والقانية إقرار مبدأ التجرؤ على القانون وإختصاصات المحاكم بقوة الإعلان الدستورى حين تجاوز الرئيس حقوقه وأصدر إعلانا بما ليس له.
“one change always leaves the way open for the establishment of others.. mechiavilli”


(2)
شهدت الفترة الماضية كثير من الإضرابات فى مصر والتى طالت العديد من قطاعات الدولة وسنتعرض هنا فقط لإضرابين منهما: اضراب الأطباء و إضراب عمال المترو.
- بدأ الأطباء إضرابهم فى الأول من أكتوبر ورفعوا 3 مطالب محددة وهى: " رفع ميزانية الصحة من 3.5% الى 15% لتغطية احتياجات المستشفيات من الأدوات والعمالة - وضع كادر للأطباء يكفل لهم حياة كريمة – توفير التأمين المناسب للمستشفيات فى ظل حوادث الإعتداء المتكررة على الأطباء فى العديد من المحافظات", وأكد الإضراب على عدم الإضرار باحتياجات المواطنين من الرعاية الصحية واستمرار الكشف على المرضى بالمجان فى الاستقبال.. وكان رد فعل الدولة عجيبا, فرغم أحقية الأطباء ومشروعية مطالبهم لم تلتفت اليهم لا وزارة الصحة ولا رئاسة الجمهورية, ولما تعرض لهم مرسي مرة فى أحد خطاباته قال ما يفيد الإيعاز بأن الأطباء المضربين هم مجرمون فى حق الشعب ويسعون لمصالح شخصية ولا يهتمون بالمريض.. واذا كان الحال هكذا يجب التساؤل: لماذا لم تتدخل الرئاسة للحفاظ على حياة المرضى من اجرام الأطباء؟ إما بالاستجابة لمطالبهم إن كانت مشروعة أو بفصلهم إن كانوا كما قال الرئيس؟ من الآن الذى يفرط فى حياة المواطنين؟
- الإضراب الثانى هو اضراب عمال المترو والذى استمر قرابة 4 ساعات فقط لسرعة استجابة الرئاسة لمطالب العمال.. وهذا يكشف عن شيئين مهمين:
الأول هو ان اضراب الأطباء لم يعرض حياة المواطنين أو مصالح الدولة للخطر كما حاول مرسي إيهام الشعب لتحفيذهم ضد الأطباء المضربين.
والثاني هو ان مرسي لا يهتم بالمواطنين قدر اهتمامه بما يمنع السخط عنه وعن حكمه. فتعطل المترو كافى لشل القاهرة تماما واشتعال الاحتجاجات فى وجه مرسي أما "عدم" امتناع الأطباء المضربين عن تقديم الرعاية للمرضى فهو لم يضر مرسي بشىء وبالتالى فلا داعى للالتفات الى مطالبهم.


(3)
فى خروجات مرسي المتكررة للصلاة نجد دائما حشد من جماعة الإخوان لأفرادها للتواجد فى أماكن وجود الرئيس لإيصال صورة وهمية للعالم أن الشعب راض عن حكمه.. وقد يكون الشعب راض بالفعل ولكن المشكلة أنه لاظهار رضاه يجب أن يخرج بنفسه لتوصيل الرسالة لا أن ينوب عنه من يتم جمعهم فى الأتوبيسات.
- رأينا هذه الصورة فى الجوامع التى خرج اليها مرسي فى رمضان وبعده, ورأيناها فى احتفالية ال 100 يوم باستاد القاهرة بغض النظر عن أننا لا نعرف بعد بأى انجازات احتفل الرئيس وقومه, ورأينا نفس الصورة مؤخرا عند قصر الإتحادية عقب اشتعال أزمة الإعلان الدستورى الأخير.
- المشهد نفسه كنا نراه أيام مبارك مع من كان يتم جمعهم فى أوتوبيسات أيضا لنفس الهدف, ولعل هذه تكون إشارة لطبيعة حكم مرسي, فالحاكم العادل المحبوب لن يحتاج لتأييد وهمى وسيكتفى بخروج من يريده حقا لتاييده من "جميع فئات الشعب".


(4)
فاجئنا مرسي مؤخرا بإعلان دستوري يضمن له ما بقى من سلطات لم تكن بحوزته قبلا وبهذا إكتملت نسخة الإله الرئيس التى فشل سلفه فى تحقيقها, فحقا كان مبارك رئيس نصف اله أما مرسي فلا ينقص تأليهه سوى أن يطالبنا بالسجود له كما يسجد العلويون لبشار.
- قام مرسي فى سابقة لم تحدث من قبل بالتعدى على أكبر وأعرق وأهم جهة فى الدولة وهى القضاء وطعن فى شرفهم القضائى وضميرهم الذى هو مادة للسؤال من الله وليس غيره. اتهمهم مرسي بالفساد وقام بتحصين نفسه وقراراته ضد أحكام القضاء وبذلك صار من حقه أن يفعل فى الشعب ما يشاء دون أن يكون للشعب حق الإعتراض بالطرق "السلمية المشروعة" وهى القانون.
- الأمر أشبه ببلطجى يقف فى منتصف منطقته شاهرا هراوة ويصرخ فى من حوله: "من انهارده دى منطقتى وكلامى اللى هيمشى واللى مش عاجبه هشرحه", هذا كان ملخص الإعلان الدستورى الأخير.
الأمر أشبه بمحاولة من مرسي لتحويل مصر إلى النموذج الإيرانى حيث المرشد والمرشد فقط هو من لا يجوز الغعتراض على قراراته.
وهنا يطرح السؤال نفسه: إذا كان القضاء كما تدعى سيادة الرئيس غير نزيه, ما الذى يضمن لنا أن جماعتك لم تقوم بشراء ذمته وان نتيجة الإنتخابات لم تزور لصالحكم؟
وسؤال آخر: كيف لمواطن أن يعترض على قرار لك إذا ما ضلت بك السبل يوما وأصدرت تشريعا جائرا؟
- الإعلان الدستورى به من العوار الدستورى والقانونى ما يكفى لنسفه نسفا ولا يمكن تصديق أن مثل هذا الإعلان يصدر عن جهة فى حجم رئاسة الجمهورية بها أناس يفهمون حدود مناصبهم ودون التفتيش فى النوايا هذا الإعلان يمكن أن يكون بابا للكثير من القرارات الكارثية التى قد تودى بوطن كامل لأنه من سنن الله فى الكون أنه لا أحد على صواب دائما.
والسؤال هنا للرئيس الذى يقول انه جاء من الشريعة وبالشريعة ومن أجل تطبيق الشريعة: متى ألغى الرسول صلى الله عليه وسلم أو أحد من الخلفاء الأربعة منصب قاضى الدولة؟

(5)
منذ الإعلان الدستورى الأخير اشتعلت موجة غضب عارمة شملت أنحاء مصر من الإسكندرية الى السودان كرد فعل طبيعى على تغول رئاسة الجمهورية على السلطة القضائية واحتلالها لجميع أركان ومفاصل الدولة دون اسماح حتى بـ "حق" الإعتراض أمام القضاء.
- كان رد فعل الرئاسة على التظاهرات كعادة الأنطمة الديكتاتورية منحصرا فى "خونة – عملاء – مأجورون – مغيبون – حماية الثورة....الخ" وأضاف اليها السيد الرئيس تعبيرا جديدا يسجل له حصريا كبراءة اختراع: "السوس".
تجاهل تام من رئيس الجمهورية للملايين الرافضة التى خرت يوم الثلاثاء 29 نوفمبر فى جميع ميادين تحرير مصر تعلن رفضها للإعلان الدستورى وغضبتها لقضاة مصر وتأكيدهم على سيادة القضاء ورفض التطهير الخارجى.
تجاهل تام ربما يذكرنا بالأيام الخمسة الأولى من الثورة حينما تجاهل مبارك الشعب وانتهى ذلك برحيله فى اقل من 3 أسابيع, ولكن النظرة المتأنية للأحداث ككل, الإعلان الدستورى والإعتراضات الشعبيه عليه وما صاحبها من أعمال عنف ربما ينذر بأن صمت مرسي ليس كصمت مبارك ولإنما هو أقرب الى صمت بشار الأسد.
فمنذ اشتعال الإحتجاجات أطلق مرسي ميليشات جماعته والميليشيات السلفية على المتظاهرين "السلميين" عند دار القضاء العالى وفى الميادين المختلفة فى المحافظات(باستثناء دفاع شباب الجماعة المشروع عن مقراتهم ضد رغبة المتظاهرين المشروعة فى حرقها), ومنذ اشتعال الإحتجاجات خرج مرسي فى حديثين الى الشعب وبضعة أحاديث الى الإعلام الغربي كان آداءه فيهم مشابها للغاية لآداء بشار منذ اشتعال الأزمة السورية: حديث هادىء عن المستقبل وتجاهل تام لما يحدث بين جنبات الوطن. فعلى الأقل نذكر أن احاديث نظام مبارك وقت الثورة كان مضمونها ما يحدث فى الميادين ومحورها هو الإحتجاجات ولم يحدث فى خطاب واحد أن تجاهل مبارك أو أحد من المتحدثين باسمه الميادين والخطابات موجودة لمن يشكك.
الوضع جد خطير وينذر بتطورات كنا نرجوا أن تكون قد انتهت بلا رجعة ولكن ما يلوح فى الافق يشير الى انها قد تعود.

(6)
- أختم بحديث مختصر عن تأسيسية الدستور.. الجمعية التى صاحب تشكيلها العديد من الاحداث الغير سارة:
1. حل الجمعية الأولى بحكم من الدستورية العليا.
2. الشكوى المقدمة ضد الثانية فى نفس ذات المحكمة ولنفس ذات أسباب حل الأولى.
3. الإنسحابات المتوالية من أعضاء الجمعية التأسيسية الغير محسوبين على تيار الإسلام السياسى.
4. الإعلان الدستورى الأخير والذي منح للجمعية حصانة غير دستورية ضد أحكام القضاء فى مؤشر قوى الى سوء نية واضح.
5. ما حدث فى الـ 48 ساعة الأخيرة من التعجيل بانهاء مسودة الدستور النهائية وطرحها للاستفتاء فى أقرب وقت ممكن وكأن الرئيس وجماعته يسارعون فى استباق الزمن قبل أن يكشف الوقت عما ستؤول اليه الأحداث الراهنة.
هذا اذا تغاضينا عن أن الجمعية التأسيسية أتى بها مجلس شعب غير دستورى حكمت المحكمة ببطلانه ومجلس شورى شارك فى انتخابه أقل من 15% من الشعب المصرى.


الوضع العام فى مصر ينبأ بتطورات قد لا تكون سارة على من هم فى سدة الحكم مما يستدعى التنبؤ بتداعيات لن تكون سارة لمن هم فى سدة الوطن.
والله الموفق

الثلاثاء، 27 نوفمبر 2012

حبك ميدان




رقت عينى لذكراك
رقت فقلت متى ألقاك
مذ أن طوانا البعد وقلبى
وحيدا يعانى ألم الفراق

عشقت مصر وعشقتك أنتى
فلما ذهبت مصر قلت بقيتى أنتى
ولما ذهبتى أنتى قلت
لأستعيدنك أنتى ومصر وإلا
فالموت من دونكما أهون


حبك ميدان
وقربك كان حلم عيشته من زمان
ولما ضاع الحلم مفضلش غير الميدان
أنزل أدور فيه على حبك بتاع زمان




visitors