السبت، 22 سبتمبر 2012

عن (لكم دينكم ولى دين)..



بالأمس كتبت بوست على أحد حساباتى على فيس بوك عن مقال الإمام على جمعة مفتى الديار المصرية وأحد القلائل الذين أأخذ عنهم الدين بثقة واطمئنان وهو المقال عن الرسول-صلى الله عليه وسلم- والذى نشره فى الواشنطن بوست وتم نشره فى جريدة ألمانية وعلى الموقع الرسمى للتلفيزيون الدانيماركى.. وكتبت عن مقارنة بسيطة بين نصرة المفتى للرسول صلى الله عليه وسلم باتباع تعاليمه وأخلاثه وبين تشويه السلفيين للإسلام والمسلمين ورسولهم بأفعالهم المنافية لأبسط تعاليم الدين..
وختمت الكلام بعبارتى الشهيرة التى دوما ما أنهى بها نقاشاتى مع السلفيين: "لكم دينكم ولي دين"

قام أحد أقرب أصدقائى بنشر البوست على صفحته ولاقت من الإعتراضات ما لاقت وربما لاقت استحسان البعض لا أدرى فأنا لم أتابع سوى ما نقله لى.. وكان من ضمن ما نقله لى رد أحد الشباب السلفى من زملائه فى الكلية وكان ردا مطولا لا يختلف كثيرا عن مواضيع الإنشاء الفارغة التى كنا ندرسها فى المرحلة الإبتدائية وقد أحسن شادى الرد علي تعليق زميله وقال كل ما كنت سأود قوله اذا كنت رغبت فى الرد..
ولكن لفت نظرى ان صديقه اعترض على عبارة: "لكم دينكم ولي دين" واعتبرها تكفير للسلفيين ولم أفاجأ حين وجدت صديقى يشاركه الإعتراض فهو عادة ما يعترض على أى اساءة لأى شخص حتى وان اختلف معه وهى درجة عالية من نبل الأخلاق لا أدعى انى حتى أطمح فى الوصول اليها..
ولأنى لا أقصد بالآية الكريمة أى نوع من الإهانة ولأنى استخدمها كثيرا فقد شعرت انه وجب علي التنويه لمقصدى من استخدامها..

الدين هو ما ندين به لله.. نحن ندين لله بدين الإسلام جميعا.. ولكن كل منا له فهمه للإسلام حتى وإن كانت النصوص واحدة, فللأزهر قراءته الخاصة لنصوص الدين.. وهذا ما يدين به لله.. وللوهابيين قرائتهم الخاصة لنصوص الدين وهذا ما يدينون به لله.. ولغيرهم من الطوائف الأخرى كالشيعة والصوفة والتكفيريين ومن يلقبون أنفسهم بالجهاديين وغيرهم لكل منهم قرائته الخاصة للنصوص وفهمه وكل يدين لله بما يفهم وليس بالنص المكتوب...
سأضرب بعض الأمثله لتوضيح اختلاف ما أدين به لله عما يدين به الإخوة السلفيين لله..

- فى فهمى لدينى على سبيل المثال لا يجوز لى أن أكفر مسلما أو أوعذ لغيرى بكفره دون أن يكون "العلماء" قد حكموا عليه بذلك بالأساليب الشرعية وهذا ما أدين به لله.. أما الإخوة السلفيين فقد رأينا جميعا منهم تشويههم لكل من يعارضهم ورميه بالخروج عن الدين ومحاربة دين الله الى آخره من التهم المعلبة التى تستخدم على منابرهم وفى دروسهم لكل من يخالفهم مثل د. البرادعي وغيره وقد رأيت ما أقول بأم عينى.. فهذا ما يدينون به لله

- فى فهم السلفيين يجوز تسمية أحداث 11 سبتمبر بالجهاد فى سبيل الله وبأن "الشيخ المجاهد" بن لادن كان سببا فى نصرة وفتح جديد للإسلام.. وهذا ما يدينون به لله.. فى حين أنه فى فهمى للإسلام فلا يجوز أن نعتدى على الآمنين ولا يجوز فى حروبنا أن نقتل امرأة أو طفلا أو شيخا ولا يجوز أن نعتدى على من لم يعتد علينا.. إن كنا سنقاتل فجيشا لجيش وأما قتل المدنيين الآمنين فهو أمر لن أنتسب أبدا لدين يشرعه.. وعليه فأنا أعتبر ان ما قام به بن لادن هو ارهاب واساءة للإسلام وليس فتحا ونصرا مبينا كما يرى بعض من أغواهم شيطان التطرف.. وهذا ما أدين به لله

- فى فهم السلفيين يعتبر أمثال خالد عبدالله و وجدى غنيم و حازم صلاح أبو اسماعيل و أبو يحيى وأبو اسلام والزغبى وغيرهم كثير "شيوخ أفاضل" بارك الله فيهم وحفظهم ونفع بعلمهم وأنهم من أسود الدعوة والشريعة وممن يسهر على حفظ السنة ومنهج السنة والجماعة وهذا ما يدينون به لله.. وفى فهمى للإسلام فهؤلاء ممن حق فيهم قول الله تعالى "الذين يصدون عن سبيل الله" بأسلوبهم الفظ وألسنتهم السليطة وأفقهم الضيق وجهلهم الواسع وكذبهم وتضليلهم للبسطاء واشعال الحرائق فى النفوس الى آخر الأساليب التى يتبعونها لابقاء الطبقة البسيطة من الناس تحت سيطرتهم باسم الدين.. وهذا ما أدين به لله

- فى فهم السلفيين فالمسيحيين أو النصارى هم مواطنون من الدرجة الثانية.. لا نبدأهم بالسلام ولا نعيدهم فى أعيادهم ولا نخالطهم الا للضرورة وقد سمعت من احد من تأثروا بفكرهم قبل عدة سنوات: "ان النصارى يجب أن يمروا أمامنا كالكلاب لا نعيرهم اهتماما" وهذا ما يدينون به لله.. وفى فهمى للإسلام فأنا أرى انه الواجب علينا التعايش معهم بالحسنى والقسط والإحسان اليهم بكل ما تحمله الكلمات من معانى ما دام أحد منهم لم يعادنا فى ديننا.. فمن يعادينا فى الدين فجزاؤه على نفسه لا على قومه.. وهذا ما أدين به لله

"لكم دينكم ولى دين" فى استخدامى لها لا تعنى أنت كافر وأنا مسلم.. و إنما تعنى انت لك فهمك وعقيدتك وأنا لى فهمى وعقيدتى ويوم القيامة يحكم الله فينا ولا أقول بيننا فلسنا فى خصومة أصلا.. ومن أراد الله له المغفرة والجنة فهنيئا له ومن أراد الله أن يهوى به فى نار جهنم فقد خسر كل شىء.. ومن يدرى من منافى النار ومن منا فى الجنة؟ وما يمنع ان نكون سويا فى الجنة برحمة الله وفضله أو يزج بنا جميعا فى النار نعوذ بالله منها ومن غضبه؟؟
اذا كنا سنتحدث عن التكفيير والتلسن به فأرجو ممن يرانى من جماعة "التكفير والهجرة" على حد وصفه أن يراجع فتاوى ودروس من يتعلم الدين عن طريقهم ويرى كم التلسين والتلميح وأحيانا التصريح عن تكفير من يخالفهم..
والحمدلله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
والله الموفق

visitors