الأحد، 26 فبراير 2012

بين الثوار والسلفيين



من كام شهر كتبت تدوينة بعنوان "الشرك بالوطن والكفر بالثورة" وكانت واحدة من التدوينات اللى ناقشت فيها إنحراف "منهج" شباب الثورة ويمكن كانت واحدة من التدوينات اللى قضت على ما تبقى لى من صداقات فى صفوف الثوار.
فى تدوينة انهاردة هكتب تقريبا نفس الأفكار  مع تغيير بسيط انى هنا مش بتكلم على الثورة ولا على شبابها لكن بتكلم على الإخوة السلفيين.
جدير بالذكر ان التدوينة كالعادة وكما هو متوقع لن تلاقى اعجاب من يقرأها من التيار السلفى تماما كما إختلف معى أصدقائى الثوار فى التدوينة السابقة, وكما انى كنت ولا زلت مقتنع تماما بصحة وجهة نظرى فى تدوينة الثورة-وهو ما أثبتته الأيام بعدها- فأنا كذلك مقتنع تماما بكل ما سأقوله فى هذه التدوينة -التى أتمنى ألا تكون طويلة- والذى أعتقد أن الأيام ستثبته أيضا ربما فى القريب الغير عاجل.

فى التدوينة السابقة "الشرك بالوطن والكفر بالثورة" كتبت عن كيف أن الثوار قدموا الثورة على الوطن وحولوا قبلة إخلاصهم من الوطن(الأكبر) الى الثورة(الأصغر) وبذلك كان طبيعى ان تحدث انحرافات عديدة فى الآداء نتيجة انحراف المنهج فليس كل ما يصلح للثورات كحدث مؤقت محدود يصلح للأوطان وهى الكيان الدائم ما دامت الأرض.
وللى عايز يقرا التدوينة بتاعت الثورة يقدر يشوفها على الرابط دا..

ننتقل بقى للأخوة السلفيين ونوضح سبب ربطى التدوينة دى بالتدوينة السابقة..
اللى بيتصفح مننا المصادر السلفية, سواء أكانت مواقع سلفية أو منتديات سلفية أو صفحات وجروبات سلفية على facebook أو حتى حسابات شخصية على مواقع التواصل الإجتماعى المختلفة, هيكون بدون شك مر عليه الاسماء دى او ما شابهها-نذكر للمثال لا الحصر-: "أنا السلفى – فرسان السنة – حراس العقيدة – سلفى وأفتخر – الحياة بقى لونها سلفى – لو لم أكن سلفيا لوددت أن أكون سلفيا – الصفحة الرسمية للجبهة السلفية....." الى آخره من الأمور المتعلقة بالسلفيين وسيندر جدا أن يجد صفحة تخلو من التصريح بالانتماء السلفى فى عنوانها ومضمونها.
والموضوع دا فى حد ذاته مش عيب ومش غلط اننا "كمسلمين" نتميز عن غيرنا من أصحاب الديانات الأخرى بمسميات زى ما احنا بنتميز عنهم فى العقيدة والعبادات والشرائع وخلافه.. ويمكن علشان كدة ربنا قال فى القرآن الكريم: "وهو سماكم المسلمين" والآية هنا واضحة ان ربنا اختارلنا اسم محدد وواضح وصريح. "مسلم" لم يذكر فى الكتاب سنى ولا شيعى ولا سلفى ولا اخوانى ولا صوفى ولا غيرها من المسميات اللتى ابتلى بها المسلمون على مر حقب التاريخ المختلفة.. وذلك مع علم الله تعالى انه سيكون من المسلمين سنة وشيعة واخوان وسلفيين الى آخره من المسميات. رغم كل هذا لم يذكر القرآن عنا سوى كلمة واحدة فقط هى المسلمين. فلماذا استبدل الإخوة السلفيون تسمية الله عز وجل بتسمية مرجعياتهم وأأمتهم؟
سيقول البعض ان هذه التسمية لم يختاروها وانما نسبها الإعلام اليهم وهو بالفعل قول أحد أكبر مرجعيات السلفية فى مصر "د. محمد إسماعيل المقدم" ولكن هنا يأتى سؤال جدير بالبحثعن إجابة له: لو كانت دى تسمية نسبت اليكم, لماذا لم تنبذوها وتعلنوا هذا صراحة بالفعل وليس بالقول فى الكتب التى لا يقرأها سواكم؟ فأنا أفهم ان يكون الإعلام ألصق بكم التسمية بهدف التشويه فيما بعد ولكن لا أعتقد أن يكون الإعلام هو من قام بتسمية الموقع السلفى الأول والأكبر فى مصر: "أنا السلفى" والذى يشرف عليه أحد أكبر الرؤوس السلفية فى مصر بنفسه-بحسب ما ذكر على الموقع- الدكتور ياسر برهامى العقل المدبر للدعوة السلفية فى الإسكندرية؟
وهنا ربما يتسائل البعض هنا.. ما أهمية الاسم اذا كان المضمون سليم فالذى يهم هو ما يقولونه وليس ما يتسمون به؟
والسؤال دا عندى ليه أكتر من نموذج إجابة فى الواقع.. واحد منهم من الأوساط السلفية نفسها.. والثانى من تفسيرى.. والثالث من الواقع

- أولا.. لو اردنا اللإجابة على طريقة الإخوة السلفيين فسأرد بكل بساطة: "اذا كان الله قد اختار اسم معين فى القرآن الكريم اذا فلا بد أنه الأفضل والأعظم فلماذا نتركه أو نستبدله؟"
وبما أن الإخوة السلفيين يبحرون فى علوم الحديث أكثر من علوم القرآن(بحسب ما يظهر منهم) فممكن نرد على طريقتهم بأنه كيف لنا ان نستبدل تسمية المسلمين بالسلفيين اذا كان لم يرد  فيها حديث؟
فضلا عن ان السلفيين من أكتر الناس اللى بيتشددوا فى المسميات.. big on names لأنى مش عارف اوضحها أوى
بالمناسبة الرد دا مش من عندى. انهارده كنت بتكلم مع أحد أصدقائى السلفيين وبقوله انى مش مقتنع ان اللحية هتضيف أى شىء أكتر من انها سنة(ودا انا ناقشته فى تدوينة: انا منتقبة. انا ملتحى).. فرد عليا بنفس الطريقة وقاللى سنة دى يعنى حاجة عظيمة وحاجة كبيرة يبقى نسيبها ليه؟

- ثانيا.. تفسيرى انا للاهتمام بالاسم هو بكل بساطة ان تحويل النظر عن الإسلام (كـ اسم) الى السلفية(كـ اسم برده) من شأنه انه يسهل اندساس الكثير من الأفكار الشاذة فى المسمى الثاتى والتى ما كان يمكن لها ان تنتشر فى ضوء المسمى الأول وخصوصا أن أكثر من ينقل العلم الى العوام فى الأوساط السلفية هم اما شيوخ قليلى العلم مثل الذين نراهم فى المساجد بعد صلاة المغرب أو شباب لم يأخذ كفايته من العلم فضلا أنه لم يدرس العلم بطريقة منهجية كتلك التى يدرس بها العلم فى الجامعات الإسلامية المعتمدة فى العالم الإسلامى كله فمعظمهم ان لم يكن كلهم اما تربى على يد الشيوخ الذين بدورهم لم يتعلموا بطريقة ممنهجة واما من خلال ما يصله من المواقع والمنتديات وهنا استشهد بقول الامام مالك-اعتقد- "من كان معلمه كتابه كثر خطأه وقل صوابه" . فالمنهج السليم فى الدراسة كفيل بتثبيت القاعدة العلمية وتهذيب الأسلوب فى النقل وبالتالى تقل المساحة المتاحة للشطط.
وانا هنا بالمناسبة لا أشير الى أن الأوساط السلفية لا تحتوى على علماء.. اطلاقا فليس لى أن اقول هذا وفى الواقع لا يمكن ان يقال هذا عن اى فئة كانت فى العالم.. فاذا كان الشيعة عندهم علماء ومرجعيات وحتى الملحدين على اختلاف طوائفهم لهم مرجعيات فى الالحاد يتعلمون منها "فقه الإلحاد" -ولا أمزح هنا- فليس من الغريب ان يكون فى أوساط السلفيين من عنده علم غزير وحقيقى. ولكنى اتحدث هنا عن ان ليس هؤلاء من يصلوا للعوام فى القرى والنجوع وحتى فى المدن الكبيرة. فالأقلية تلتف حول المرجعيات الكبرى والاكثرية تأخذ العلم ممن ينقل عنهم واذا كان من ينقل ليس مؤهلا بشكل كافى كما هو الحال فى أغلب من يتحدث باسم الدين هذه الأيام(حتى بين صفوف الأزهر الشريف للأسف) فمن الطبيعى أن يدخل الشطط عن طريق هؤلاء بشكل ميسر.
أعلم ان اصدقائى السلفيين وغيرهم ممن ينتمون الى التيار السلفى يقولون الآن أن هذا مجرد كلام من شاب قليل العلم ولا قيمة له وانه ملىء بالمغالطات الى آخره من "الردود" المعلبة التى أبتكرت فى الأوساط السلفية للرد على الاتهامات المعلبة التى تلقى فى وجوههم من الإعلام المناهض للتيارات الإسلامية أو الإعلام المناهض للإسلام(هناك فارق كبير).. ولكنها فى الواقع الحقيقة كما أراها وكما أعتقد انه سيكشف عنها الواقع ان شاءالله فى يوم اتمناه عاجلا غير آجل.
وبالمناسبة فمثل هذه الردود التى سأتلقاها قد تلقيتها بالفعل من الثوار عن تدوينة "الشرك بالوطن والكفر بالثورة" وأثبتت الأيام صحة كلامى وخطأهم وهو ما سيدور حوله الإجابة الثالثة للسؤال المطروح سلفا.

ثالثا.. الإجابة بدليل من الواقع..
كما ذكرت فى ختام النقطة السابقة فهذه النقطة ستتخذ من خطأ الثوار مثالا من الواقع القريب المرئى لتوضيح خطورة التحول من الإسلام الى السلفية فى المسمى..
كما حدث مع الثوار سيحدث مع السلفيين. فماذا حدث مع الثوار؟
تحول الثوار عن مفهوم "مصر أولا" الى "الثورة أولا" وصار شعارات مثل: "الاخلاص للثورة -  الثورة مستمرة - الوفاء لدم الشهداء – الثورة هى اللى جابتكم هنا....." الى آخره من الشعارات المتعلقة بالثورة هى لغة الحوار المتداولة بين الثوار حتى حدثت النتيجة المنطقية لشرك الشباب بالوطن وهى كفر الشعب بالثورة..
فمن وجهة نظر الثوار الشعب قد اختار أكثر القوى الغير ثورية فى الانتخابات والشعب لم يخرج رافضا لحكم العسكر(اتحدث عن خروج حقيقى كثورة يناير وليس الجمع المهترئة التى خرجت فيها الأقليات) والشعب كذلك سيختار الرئيس الذى سيريده المجلس الأعلى للقوات المسلحة الى آخره من آيات الكفر بالثورة التى قامت لتقضى على كل هذا(حكم العسكر والانتخابات سابقة التحضير وغيره). اذا فقد أدى تحول قبلة الثورة الى فشل اهدافها المعلنة فى التحقق
وبما ان البدايات المتشابهة تؤدى الى نتاج متشابهة. فمن المنتظر ان تسير الدعوة السلفية على نفس الطريق حتى نهايته(وفى تقديرى الشخصى لا أتوقع منهم أى تعديل للمسار) وستكون نهاية دعوتهم كما كانت نهاية من قبلهم ممن انحرف بهم المسار. وأتمنى من الله أن تسفر هذه النهاية عن تحول الناس الى الدين الصحيح ونبذ كل شذوذ السلفية لا أن تسفر النهاية عن تحول الناس عن الدين بأكمله كما يحدث الآن ممن يصطدم به قطار السلفية.

وأخيرا. هناك سؤال سأجتهد قدر المستطاع للإختصار فى إجابته.. لماذا يميل قطاع ليس بالقليل من الشعب الى دعاة السلفية اما بالاتباع صراحة واما بالمتابعة؟
اجابة هذا السؤال فى رأيى تتمحور حول أن الشعب المصرى بطبعه متدين وسيقبل الدين من أى من يقدمه اليه وقد قبله عندما اتى اليه موسى-عليه السلام-  باليهودية وقبله عندما اتى اليه عيسى بن مريم-عليهما السلام- بالمسيحية وقبله عندما اتى به عمرو بن العاص-رضى الله عنه- فاتحا بالإسلام وقبله عندما جاء الفاطميون بالتشيع وقبله عندما اسقط صلاح الدين دولة التشيع وأقام الأزهر كما نعرفه حاليا وقبله عندما جاءت الجماعات الإرهابية باسم الدين وقبله عندما جاء حسن البنا بدعوة الإخوان الإصلاحية فى بدايتها فمن الطبيعى ان توجد فئات فى الشعب تقبل دعوة السلفية على ما بها كما وجدت من قبل فئات قبلت الدعاوى للدين بصلاحها(الديانات السماوية) وفساد أغلبها(دولة الشيعة الفاطمية والجاماعت الارهابية باسم الدين).
وهنا يتضح تقصير الأزهر الشريف الشديد فى ملىء هذا الفراغ والتعطش الى الدين الذى يملأ قلوب وعقول المصريين فالملام الأول على انتشار اى دعوة منحرفة باسم الدين فى بلد الأزهر هو الأزهر الشريف نفسه وعلى علماءه ان يستنهضوا هممهم لإصلاح العوج فى الخطاب الدينى والا فلا خير فيهم ولا فى علمهم.
الدعوة السلفية فى رأيى فتنة مثلها مثل الشيعة ولكن بشكل مختلف ومؤخرا كنت أقرأ كتاب عن الشيعة زادنى يقينا فى هذا المعتقد و من خلاله فهمت انه كيف يمكن لفتنة أن تخدع أكابر العلماء وليس فقط العوام كما خدعت الشيعة كثير من العلماء الكبار على مر التاريخ ومنهم من انتبه ومنهم من لم ينتبه.
وكتعليق أخير لمن سيقول انى لم آت بدليل على ما كتبت.. هقوله فقط كلمة واحدة بحبها أوى: "you’ve got brains for a reason”
كدا أكون الحمدلله انتهيت بقلب راضى ومطمئن عن كل حرف كتب هنا ورغم ما سألاقيه من اعتراضات وخصوصا بعدما اصبحت مدونتى تتلقى عدد ليس قليل من الزوار مع كل تدوينة جديدة.. وايضا اعتراضات اصدقائى والذين أتمنى الا يأخذوا التدوينة على انها اهانة شخصية لهم فوالله ما لهذا أكتب.
والحمدلله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى الا ان هدانا الله.
والله الموفق

السبت، 11 فبراير 2012

يوم ما اتنفخنا

يوم 11 فبراير 2012 بالتأكيد يوم مميز فى مصر كلها.. وبدون شك كان يوم مميز لطلبة طب جامعة 6 أكتوبر



الاثنين، 6 فبراير 2012

مباراة الأهلى والمصرى, احتقان متبادل.. أم مؤامرة؟؟




يوم الأربعاء الحزين 1/2/2012 الساعة حوالى 7:15م كنت قاعد بتفرج على ماتش الزمالك والإسماعيلى وزيى زى أى زمالكاوى كنت فرحان طبعا ان الماتش حلو وان قبلنا على طول الأهلى خسر نتيجة ولعبا فى مباراته مع النادى المصرى وكانت مفاجأة غير متوقعة طبعا لكنها بدون شك كانت مفرحة لأبناء القلعة البيضاء. طبعا كنت متابع الماتش وما كنتش أعرف أى شىء عن اللى بيدور فى استاد بورسعيد الا من خلال التعليقات البسيطة من كابتن عصام عبده معلق مباراة الزمالك والإسماعيلى واللى كانت لا تتعدى "لا يا جماعة ما يصحش كدا" و "المناظر المؤسفة دى ما نتمناش نشوفها فى ملاعبنا" و "حد من المسؤلين يلحق اللى بيحصل دا" وكانت تعليقات خاطفة وسط أحداث مباراة الزمالك والإسماعيلى واللى كانت سريعة وقوية بشكل يمنع أى حد انه حتى يحاول يستكشف اللى بيحصل فى استاد بورسعيد وطبيعى ان ما جاش فى بالى خالص المنظر المؤسف اللى كان هناك.
المهم بعد نهاية الشوط الأول قلبت على ONTVeg عشان اشوف الأخبار ايه فى بورسعيد وفوجئت بالمنظر المؤسف اللى أكيد كلنا شوفناه. وعموما انا فضلت ألتزم الصمت فى وقت الأحداث لغاية ما أقدر أكون فكرة عن الموضوع وان شاءالله هنا هعرض رؤيتى للأحداث.
فى البداية بس أحب أترحم على ضحايا الأحداث وأقرألهم الفاتحة واذا تفضلتم بقراءة الفاتحة ليهم انتوا كمان ونسأل الله انه يغفر لهم ذنوبهم ويتقبلهم بقبول حسن ويدخلهم فى رحمته انه واسع كريم.

فى شوية نقط أحب أناقشها هنا وهى:
1. جماهير الألتراس والشحن المتبادل.
2. مسؤلية الداخلية عن الأحداث.
3. مؤامرة المجلس العسكرى.
4. رؤيتى للأحداث.
5. الهدف من الواقعة.

أولا.. جماهير الألتراس والشحن المتبادل.
من المعروف ان جماعات الألتراس فى مصر بدأت فى الظهور عام 2007 كنوع من التقليد لطرق التشجيع الأجنبية كعادتنا فى استنساخ كل ما هو مستورد دون دراسته وتحديد مدى ملائمته لنا, وكانت البداية مع ألتراس النادى الأهلى وتبعه الزمالك وفى الواقع انا كنت فاكر ان هما دول بس لكن بعد الماتش عرفت ان المصرى وكام نادى كمان ليهم ألتراس.. ما علينا.
المهم ان روابط الألتراس ظهورها ارتبط ببعض المظاهر اللى كان بعضها ايجابى وبعضها سلبى.. لكن فى رأيى كانت سلبياتها أكبر بكتير من ايجابيتها.. ومن السلبيات على سبيل المثال لا الحصر انها سمحت بوجود "عصبية" من نوع جديد خطورتها بتتمثل انها عصبية شبابية قايمة على الحماس والثورة(أقصد الغضب) والاندفاع الى آخره من صفات الشباب التى لم تصقلها السنين بعد, وبالتالى كان طبيعى ان المباريات تتحول الى أكثر من مجرد منافسة داخل المستطيل الأخضر بل تمتد لتشمل "الحرب التشجيعية" فى المدرجات واللى دفعنى لاستخدام كلمة حرب هو كمية البارود المستخدم فى المباريات للتشجيع.
وكان من أقوى الظواهر السلبية هو عدم وجود قيود على المشجعين فأى خطأ بيرتكبوه بتكون عقوبته كام ألف يدفعهم النادى من خزينته يروحوا للاتحاد المصرى صاحب الألف علامة استفهام-مش وقته دلوقت-, ودا بدوره أدى لظهور مشاهد خارجة كتير وتصرفات غير أخلاقية وسلوكيات مثيرة ومستفزة فى التشجيع زى مثلا اللافتات المستفزة و"الدخلات" كما يسمونها اللى بتكون غالبا شتيمة ومعمول حواليها أغنية.. بدون شك نهاية السلسلة دى = تعصب واحتقان بين الجماهير المختلفة اللى كان من الطبيعى انه مع الوقت ينفجر.. بالزبط زى ما تقعد تملى بالونة بالهوا لغاية ما تفرقع.

ثانيا.. مسؤلية الداخلية عن الأحداث.
نعود لمدرجات بورسعيد والمشاهد اللى شفناها من ان جماهير النادى المصرى تعدت على جماهير الأهلى بشكل فج وكان واضح فيه نية الإيذاء أو بالأحرى القتل فى ظل عدم تدخل واضح من قوات الأمن لمنع الإشتباكات.. وهنا يمكن تعديد أخطاء الأمن فى التعامل مع المباراة فيما يلى: عدم منع اقامة المبارة و القصور الشديد فى ترتيبات اللقاء من حيث التفتيش ووجود العدد الكافى للتأمين.. وفى رأيى ما اعتقدش ان عدم تدخلهم وقت الاشتباك خطأ لأنه فى الواقع بالنظر للأعداد الموجودة ما كانش هيفيد بشىء غير زيادة عدد القتلى بس.
الداخلية فى الحقيقة تتحمل المسؤلية الكاملة عن التقصير الأمنى الشديد فى التعامل مع المباراة ودى حقيقة لا يمكن انكارها وأيا كانت الدوافع أو الأسباب ستظل المبارة مسجلة فى سجل أخطاء الداخلية أبد الدهر..
ولكن هنا لابد من التفريق بين أمرين: هل الإهمال دا ناتج عن تقصير أم عن تواطؤ؟
- اذا كان الإهمال ناتج عن تقصير: فلا بد من اجراء تحقيق كامل ومحاسبة جميع المسؤلين عن التقصير وفق ما ينتج عن التحقيق.
- واذا كان الإهمال ناتج عن تواطؤ: يبقى فى الحالة دى لا بد من تتبع خط التواطؤ دى واقتلاعه من رأسه, لأنه ليس من المستبعد فعلا أن يكون هناك خلايا داخل الداخلية ما زالت ترفض الوضع الجديد وتعمل على إفساد عيش المصريين.. وهذا لا يعيب الداخلية كجهاز فى شىء فشهادة حق لله أن ادائهم اتغير بشكل ملحوظ جدا بعد الثورة واللى ينكر دا يكون جاحد لكن من الطبيعى ان فى جهاز زى دا مر بالظروف دى بداية من توجهه الخاطىء فى عهد مبارك وحتى انكساره على ايدى شرفاء مصر يوم 25 يناير انه يكون فيه بقايا-فى رأيى انها موجودة- تعمل على اشاعة الفوضى كلما سنحت الفرصة وان تجفيف الخلايا دى لا بد انه يستغرق وقت محترم.

ثالثا.. مؤامرة المجلس العسكرى.
مع اندلاع الأحداث وبدأنا نسمع فى كل البرامج ومن كتير من المحللين اللى هبطوا علينا بالبراشوتات بعد الثورة عن مؤامرة المجلس العسكرى أو بمعنى ادق استمرار مؤامرة المجلس العسكرى فى إشاعة الفوضى لضمان السيطرة على البلاد وعدم مغادرة السلطة.. وهى النظرية اللى افرد لها مساحات زمنية واسعة من اوقات برامك الـ توك shoes والصحف الاليكترونية وبالطبع صفحات التواصل الاجتماعى.
وفى الواقع لما جيت أفكر فى مؤامرة المجلس العسكرى افتكرت مبدأ قانونى مهم فى التحقيقات: "ما الدافع وراء ارتكاب الجريمة؟".. ولمن لا يعلم دا أحد أهم الأسألة اللى بيكون على المدعى تقديم اجابة قاطعة عنها لضمان اثبات التهمة على المتهم.. وقعدت أفكر طيب ايه حاجة المجلس العسكرى لجريمة زى دى؟
الإجابة اللى قدمتها البرامج هى اشاعة الفوضى بهدف التمسك بالسلطة وهو فى الواقع مالم أتقبله لعدة أسباب:
- أولا.. أنا من المقتنعين بالفعل ان المجلس العسكرى غير راغب فى الاستمرار فى السلطة ومما يدعم رأيى-بالنسبالى- اتفاق بعض الشخصيات التى أثق فى رأيها معى فى هذا الشأن وعلى رأسها د. محمد البرادعى ود. معتز عبد الفتاح(على الرغم من اختلافى مع الأخير منذ أحداث محمد محمود).. المجلس بالفعل لا يرغب فى الاستمرار فى سدة الحكم وخاصة انه يعلم ان وجوده غير مرغوب فيه بشكل دائم لا من قبل معارضيه ولا حتى من قبل مؤيديه اللى متقبلين وجوده فى الفترة الانتقالية فقط وبيتظروا هما كمان اللحظة اللى يترك فيها الحكم للى يختاره الشعب.
- ثانيا.. انتخابات البرلمان كشفت عن شىء مهم جدا وهو انه بالفعل دعم حزب الحرية والعدالة لمرشح كافى جدا لفوزه فى الانتخابات بنسبة لا تقل فى رأيى عن 50% نظرا لعدم ممانعة الجماعة او الحزب فى تسخير كافة الامكانيات واستخدام جميع الوسائل الشريفة والغير شريفة فى دعم مرشحيها.. وبالتالى اذا اراد المجلس العسكرى ان يجعل احد اعضاءه فى الحكم فيكفى ان يعقد صفقة مع الجماعة وهم لهم تاريخ طويل فى مثل هذا النوع من الصفقات ولن يكون الأمر صعبا.
- ثالثا.. فى رأيى ان الرئيس القادم لن يكون من المؤسسة العسكرية لكنه سيكون شخص مقبول من المؤسسة وهو فى رأيى أمر مهم ولا شىء فيه اذا كان الرئيس مؤهل للقيام بالمسؤلات الثقيلة اللتى تنتظره فلا يمكن بأى حال ان نتوقع لدولة خارجة من ثورة قوية مثل مصر أن تنهض فى ظل صراع قوى بين أقوى مؤسساتها.. المؤسسة العسكرية ومؤسسة الرياسة, وعليه فبدون شك لا بد وان يكون الرئيس القادم مقبولا من جانب القوات المسلحة وهذا لا يتعارض مع أهليته..
وبالمناسبة لا أشير هنا الى تزوير انتخابات الرياسة على الإطلاق وانما يذهب تفكيرى الى توافق بين المجلس العسكرى وجماعة الاخوان على مرشح الجماعة بحيث تجتمع فيه صفة الأهلية مع صفة التوافق مع القوات المسلحة.. وهو ما لا أرفضه على المستوى الشخصى.
يبقى اذا نخلص من النقطة دى الى أن المبرر اللى قدمه محللين الباراشوتات ليس منطقيا ولا يتماشى مع مكوناته الداخلية وبالتالى فهو يلغى نفسه بنفسه.

رابعا.. رؤيتى للأحداث.
والآن السؤال الأبرز والأهم.. كيف تحولت المباراة الى معركة حربية؟
فى البداية أحب أنوه عن ان دا رأيى الشخصى ورؤيتى وتحليلى للأحداث ولا أثبت منه شىء أو أدين به أحد وهى رؤية قد تتغير إذا ظهر ما يستدعى ذلك وهو ما استبعده فى الواقع.
- فى رأيى ان فى تشابه كبير جدا بين أحداث بور سعيد وأحداث مباراة مصر والجزاير فى أمم أفريقيا.. والتشابه دا ربما يكون هو مفتاح الإجابة على السؤال..
فى مباراة مصر والجزاير كان فى بوادر تعصب بين جمهور الفريقين متمثل فى تعليقات وأغانى مستثيرة على النت مع الاشتباكات الخفيفة فى المباراة الأولى فى القاهرة وطبعا لا يمكن اهمال تاريخ مباريات مصر مع اندية ومنتخبات شمال أفريقيا.. دا كله كان بيمثل الـ culture medium أو البيئة المناسبة لأولاد العم فى تل أبيب انهم يزرعوا بذور الفتنة فى الأرض المعدة بالفعل واللى نتج عنه ما حدث من فتنة كبيرة بين دولتين مسلمتين عربيتين شقيقتين-وبالمناسبة وقتها كان ليا تدوينة غاضبة جدا أتمنى الا أكرر خطأها مرة أخرى-.
بالنظر لمباراة الأهلى والمصرى هنلاقى ان نفس الـ culture medium موجود هنا من حيث الاستفزاز والشحن المتبادل بين الجماهير على النت والاشتباكات الخفيفة بين الجماهير فى مباريات سابقة وبالطبع تاريخ مباريات الأهلى والمصرى على الأخص أو نقدر نقول يمكن مدن القناة بشكل عام.. وبما ان المسارات المتشابهة تؤدى الى نتايج متشابهة فكان طبيعى ان يكون هناك من يزرع بزور الفتنة فى الأرض المعدة لذلك.. خلونا نسميه دلوقتى الطرف X نظرا لأن الطرف التالت بقت مستهلكة وغير مرغوبة.
نخلص من النقطة السابقة الى ان ما حدث فى المباراة كان عبارة عن شحن متبادل بين جماهير فريقين معروف عنهم التطرف فى التشجيع والتعصب الأعمى وبينهم تاريخ ليس بالقصير من المشاحنات فى مناسبات عديدة ولكن دا طبعا مش كافى لوقوع 74 ضحية و عشرات المصابين.
والاستنتاج دا يؤكد ان الطرف X تدخل بشكل قمة فى الذكاء والحرفية بداية من تأجيج التشاحن بين جمهور الفريقين قبل المباراة على مواقع الانترنت (زى اغنية جرين ايجلز مثلا) ونهاية بدس عناصر وسط جمهور المصرى مهمتها انها تحول المشاحنات العادية الى آلة عمياء للقتل.. وكلنا عارفين مدى سهولة دفع جموع كبيرة وغاضبة الى أى نوع من الحماقات.
للتلخيص.. مشاحنات واستفزاز متبادل<< تمت تغذيته بواسطة الطرف  X.. وفى النهاية انتزاع فتيل القنبلة بفعل نفس الطرف الغامض وتفريغ شحنة الغضب وهو ما نتج عنه ما نتج.

خامسا.. الهدف من الأحداث.
نأتى هنا للنقطة الأخيرة فى التدوينة التى أعتذر عن الإطالة فيها وهى الهدف من أحداث موقعة بور سعيد..
استنادا الى ما سبق ونظرا لعدم وجود تفسيرات أخرى مبررة أو قائمة على تحليلات منطقية وليست مجرد تعليقات أعماها الغضب.. أجد نفسى مضطر الى الوقوف فى معسكر من يعتقدون ان الهدف من هذه الأحداث هو ضرب وزارة الداخلية التى ما زالت تحاول الوقوف على قدميها والقيام بدورها فى تأمين البلاد من الداخل وهو ما لا ينكر أى منصف حدوث تطور كبير وحقيقى فيه.. وربما ما يدعم النظرية دى هو ما حدث فى الأيام الثلاثة الماضية فى محيط وزارة الداخلية وبعض مديريات الأمن فى المحافظات الأخرى من قبل "مجهولين" وأشدد على كلمة مجهولين فقد أعلنت جميع الجهات والتيارات المعروفة تنصلها من الموجودين فى أحداث الشغب الأخيرة بدءا من جماعات الألتراس وانتهاءا بحركة 6 أبريل مرورا بكافة الحركات والتيارات التى أعلنت جميعها عن عدم مسؤليتها عن ما يحدث فى هذه المنطاق..
اذا فهى أحداث شغب مهد لحدوثها بحيث تبدو وكأنها تبعات لما حدث فى بور سعيد وبالتالى يكون هذا هو الهدف من وراء ما حدث فى أحداث بورسعيد.. وبالنظر للأحداث المشابهة السابقة نجد أنه من الطبيعى ان توضع هذه الحادثة كـ "مسمار" جديد فى النعش الذى يتم تجهيزه لمصر..
وليرفض من يريد أن يرفض ولكن من يريد الرفض عليه أن يقدم مبرر مقنع للرفض.. ليس لأننى أطلب هذا ولكن لأن هذا حق مصر عليه.
بالله عليكم ماذا يفيد الاعتداء على مقار الأمن فى القاهرة والاسكندرية وغيرها من المحافظات؟؟
وبفرض انه عقاب للداخلية على أحداث بورسعيد.. ما ذنب عسكرى الخدمة فى القاهرة ان زملاؤه فى بورسعيد قصروا فى أداء وظيفتهم؟؟ قال تعالى فى كتابه الكريم: "ولا تزر وازرة وزر أخرى.. صدق الله العظيم
انا مش بطلب من اللى بيدينوا الداخلية أو المجلس العسكرى انهم يتفقوا مع وجهة نظرى بقدر ما بطلب منهم لمحة من التعقل فى موضوع التهجم على مقار الأمن أو حتى دعم من يقوم بهذا.. فبدون شك الخاسر الوحيد من انهيار جهاز الشرطة هو نحن المواطنين ومصر الوطن.
ذرة من التعقل أخوتى فى أرض الوطن بارك الله فيكم وهدانا واياكم سواء السبيل.

كلمة أخيرة.. لا يستقيم أن تنكر مهاجمة مقار الداخلية وترفضه وتتمسك بدعم من يقوم بهذا الفعل.
-------------------------------------------------------------------------------------------
خارج السياق.. نسألكم الدعاء لأخوتنا فى سوريا أن ينصرهم الله على الطاغية اللعين بشار الحقير وزبانيته عسى الله أن يرفع عنهم البلاء

والله الموفق

visitors